الجمعة، 5 أبريل 2013

الأستاذ محمد علي حسن : هل تثبت إمامة الكاطع وفق معايير الإمامية ؟

بسم الله الرحمن الرحيم،
اللهم صل على محمد وآل محمد.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن على مدعي النبوة والوصية أن يقدم للآخرين دليلاً يسوغ لهم الإيمان به كشخص يمثل أمر السماء، وقد كان ديدن أقوام الأنبياء (ع) أن يطالبوهم بالدليل على صحة دعواهم.ثم إنَّ أحمد إسماعيل زعمَ أنَّه يحاجج كل الفرق ويُلزمها بأدلتها، فيورد للنصارى من كتابهم المقدس، وكذلك للشيعة من مصادرهم، .. إلخ.ويفعلُ هذا ظناً منه أنه يحسن صنعاً، فيقيم حقاً أو يدفع باطلاً، ولكن الأمر خلاف ذلك، فما يفوه به هو الكذب الذي لا قيمة له، وهنا سنبحث هل أن أحمد إسماعيل يثبت عصمته وإمامته للإمامية بأدلة صحيحة ووفق قواعدهم ؟!وسأبحث بشكل مختصر في نقطتين :


الأولى : رأي الإمامية وشرطهم في مدعي المقام العظيم ( الإمامة السفارة ).الثانية : رأي الإمامية في حجية المنامات.
أولاً : رأي الإمامية وشرطهم في مدعي المقام العظيم ( الإمامة السفارة ).

روى ثقة الإسلام الكليني رحمه الله في ( الكافي الشريف، ج1، ص 340 ):( عن مفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لصاحب هذا الأمر غيبتان : إحداهما يرجع منها إلى أهله والأخرى يقال : هلك ، في أي واد سلك ، قلت : كيف نصنع إذا كان كذلك ؟ قال : إذا ادعاها مدع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله ).


قال العلامة المجلسي في ( مرآة العقول، ج4، ص 54 ) :( يجيب فيها مثله أي مثل القائم عليه السلام عن مسائل لا يعلمه إلا الإمام كالأخبار بالمغيبات لعامة الخلق ، والسؤال عن غوامض المسائل والعلوم المختصة بهم عليه السلام ).

فعلى المدعي للإمامة أو السفارة حتى .. أن يأتي بالأخبار الغيبية لعامة الخلق وأن يجيب عن المسائل الغامضة التي لا يقدر عليها إلا المعصوم عليه السلام.

وهذا سر مقبولية السفراء الأربعة رضوان الله عندما ادَّعوا السفارة عن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، فلم يكذبهم الشيعة لأنهم أتوا بالمعجز والخارق الذي يدل على تأييد الإمام المهدي (عـج) لهم، وعلى هذا فمن يدَّعى أنه رسول للإمام المهدي عليه السلام عليه أن يأتي بمثل ما أتى به السفراء.

هذا السياق يتضح بقول الشيخ الجليل ابن أبي زينب النعماني في كتابه ( الغيبة، ص 178 ) :
( فأما الغيبة الأولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام ( عليه السلام ) وبين الخلق قياماً منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان ، يخرج على أيديهم غوامض العلم ، وعويص الحكم ، والأجوبة عن كل ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات ).


وهذا مطلب مهم ودقيق جداً يطرحه الشيخ الجليل رحمه الله، فقد بيَّن أن السفراء والرسل بين الإمام المهدي عليه السلام وبين الشيعة كانوا :
أولاً : منصوبين ظاهرين، وكانوا موجودي الأشخاص والأعيان.
وهذا ينقض على أحمد إسماعيل إدعائه أنه رسول الإمام المهدي عليه السلام فهو ليس بحاضر الشخص والعين، بل غائب، ومن الاستخفاف بالعقل أن يكون الغائب سفيراً للغائب.
ثانياً : يخرج على أيديهم غوامض العلم وعويص الحكم والأجوبة عن ( كل ) ما يُسأل عنه !وهذا أيضاً ينقض على الدجال البصري، فهو لم يأتِ إلا بعشرات الكتب الاستدلالية مع أنصاره، مع أنه بمعجزة واحدة يقدر أن ينهي هذا الجدل بينه وبين خصومه ويفرق الله به بين الحق والباطل في هذه المسألة !وهم يعلمون أنهم كاذبون لا يأتون بمعجزٍ، ولهذا أحرجهم الشيخ علي الكوراني لما جاءه الضال حيدر مشتت مدعياً تلك المقالة العظيمة، فردَّ عليه قائلاً: ( ما دمتمتصلاً بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف فهو لا تُرَد له دعوة ، فقل له إن فلاناً رفض أن يستلم الرسالة حتى تدعو له الله تعالى أن يعيد لون شعر لحيته كما كان قبل الشيب ).
( المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي، ص 1119 ).

* كلمات علماء الطائفة في الطريق إلى إثبات الإمامة أو السفارة.

وهنا نذكر كلمات أعلام الطائفة فيما أجمعوا واتفقوا عليه في أنه لا يُقبل قولُ مدعٍ إلا بشروط كأن ينص الإمام عليه السلام أو نائب الإمام على عينه، أو أن يأتي بالمعجز الخارق.


1- قال الشيخ المفيد في ( أوائل المقالات، ص 40 ) :(واتفقت الإمامية على أن الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها إلا بالنص على عينه والتوقيف ).
أي أن ينص المعصوم (ع) السابق على تاليه بعينه لا باسمه، وذلك كما فعل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وكما نصَّ كل إمام على عين من بعده.



2- قال الشيخ الطوسي في ( تلخيص الشافي، ج2، ص 5 ):( فمما يدل من طريق العقول على وجوب النص ، أن الإمام إذا وجبت عصمته بما قدمناه من الأدلة، وكانت العصمة غير مدركة فتستفاد من جهة الحواس ، ولم يكن أيضا عليها دليل يوصل إلى العلم بحال من اختص بها فيتوصل إليها بالنظر في الأدلة، فلا بد مع صحة هذه الجملة من وجوب النص على الإمام بعينه ، أو إظهار المعجز القائم مقام النص عليه ، وأي الأمرين صح بطل الاختيار).

3- قال الشيخ أبو الصلاح الحلبي في ( الكافي في الفقه، ص 90 ) :
(وإذا وجب كون الرئيس بهذه الصفات فلا بد من تميزه بإظهار المعجز على يديه ، أو النص على عينه بقول من قد علم صدقه بالمعجز ، من حيث علمنا تعذر العلم بمن هذه صفاته بشيء غير نص علام الغيوب سبحانه بالمعجز أو ما يستند إليه من نص الصادق عليه سبحانه ، فبطل لذلك مذهب القائلين بالاختيار والدعوة والميراث ).

4- قال العلامة الحلي في ( نهج الحق وكشف الصدق، ص 168 ) :(ذهبت الإمامية كافة إلى أن الطريق إلى تعيين الإمام أمران :- النص من الله تعالى ، أو نبيه ، أو إمام ثبتت إمامته بالنص عليه .أو ظهور المعجزات على يده ، لأن شرط الإمامة العصمة وهي من الأمور الخفية الباطنة التي لا يعلمها إلا الله تعالى ).

5- قال المحقق الحلي في ( المسلك في أصول الدين، 210 ):( في طريق إلى تعيين الإمام.وقد اختلف في ذلك فقالت الإمامية : لا طريق إلى تعيينه إلا النص والمعجز . وقال بعض الطوائف : زيادة على ذلك بالاختيار، وأضافت الزيدية من بينهم قسما آخر وهو الدعوة إذا كان الداعي فاطمياً ).

6- قال الميرزا محمد تقي الأصفهاني في ( مكيال المكارم، ج2، ص 342 ) :
(ولا ريب أن الوكالة والنيابة الخاصة ، لا تثبت إلا بواحدة من هذه الطرق الثلاث أعني نص الإمام ، أو نائبه الخاص ، أو ظهور المعجزة على يد من يدعي النيابة الخاصة ولو لم يكن كذلك لادعى ذلك المقام كثير من عبدة الدنيا كما اتفق لجماعة ظهر كذبهم ، وخرج التوقيع عن الإمام بلعنهم ، والبراءة منهم ، كالنصيري ، والنميري ، وغيرهما وأسماؤهم مذكورة في كتب الغيبة من أرادها فليرجع إليها . وأما الغيبة الكبرى فقد انسد فيها باب الوكالة ، والنيابة الخاصة ، ولكن ثبت النيابة العامة بنصوص النبي والأئمة (ع) ، والإجماع ، والسيرة المتصلة القطعية للعلماء العاملين ).


7- قال الشيخ علي البحراني في كتابه (منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع)، ص 148 ). : (إنا بينا أن الإمام يجب أن يكون معصوماً، والعصمة أمر خفي لا يطلع عليها في أي شخص هي إلا علام الغيوب الذي أيد ذلك الشخص بها فلا يعرف صاحبها إلا من قبله إما بالنص عليه أو إظهار المعجزة على يديه ).

8- قال آية الله الشيخ المنتظري في كتابه ( نظام الحكم في الإسلام، ص 103 ): (يجب أن يكون الإمام معصوماً عند الشيعة ، لأنّ المقتضى لوجوب الإمامة ونصب الإمام جواز الخطأ على الأُمّة المستلزم لاختلال النظام ، فإنّ الضرورة قاضية بأنّ الاجتماع مظنّة التنازع والتغالب . أن يكون منصوصاً عليه من الله تعالى أو من النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) أو ممّن ثبتت إمامته بالنص منهما ، لأنّ العصمة من الأُمور الخفيّة التي لا يمكن الاطّلاع عليها ، فلو لم يكن منصوصاً عليه لزم تكليف ما لا يطاق
).

9- قال السيد علي الميلاني في كتابه ( الإمامة في أهم الكتب الكلامية، ص 177 ):
(قد عرفت أن نصب الإمام بيد الله لا بيد الأنام . . والطريق إلى العلم بنصبه منحصر في النص عليه أو إظهار المعجز على يده).

10- قال الشيخ علي الكوراني في كتابه ( المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي، ص991 ) : ( تقدم خلال فصول الكتاب ما يدل على دقة الشيعة وتشددهم في التعامل مع سفراء الإمام عليه السلام ، وأنهم أجمعوا على الثقة بعثمان بن سعيد العمري الأسدي وابنه محمد رضي الله عنهما ، لأنهم سمعوا فيهما شهادة الإمامين الهادي والعسكري صلى الله عليه و آله ، ورأوا على أيديهما المعجزات والكرامات التي توجب اليقين بأن الأجوبة ليست منهما ، بل من الإمام المهدي عليه السلام . وقد رأيت أنهم ردوا ادعاء جعفر الكذاب بأنه الإمام وادعاء غيره بأنه سفير الإمام لأنهم طلبوا منهم المعجزة فلم يأتوا بها ، بل كانوا يشهِّرُون بالمدعي ويفضحونه ! وهذا دليلٌ على قوة المذهب الحق وقيامه على الدليل القطعي).


فهذا هو شرط الإمامية في حق من يدعي تلك المقامات العظيمة، ولكن أهل الضلال عرفوا قلة حيلتهم فلجأوا إلى الاحتيال على العوام والبسطاء بالرؤى والمنامات وأنها حجة على الآخرين، .. وهذا سر عجزهم وضعفهم، فمن يمتلك المعاجز لن يؤلف الكتب والمقالات في إثبات حجية المنامات !

ثانياً: رأي الإمامية في حجية المنامات.ولننظر إلى أعاظم فقهاء الإمامية وأقوالهم في هذه الأكاذيب، وهل هذا المبنى مختارٌ لديهم أم أنه من خرافات الدجال ؟! وسنذكر بعض الأدلة في إثبات مبنى الإمامية في العمل بالمنامات.

أولاً : روى ثقة الإسلام الكليني في ( الكافي، ج3، ص 482 ) :
( علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال : ما تروي هذه الناصبة ؟ فقلت : جعلت فداك فيماذا ؟ فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم ، فقلت : إنهم يقولون : إن أبي بن كعب رآه في النوم ، فقال : كذبوا فإن دين الله عز وجل أعز من أن يرى في النوم .. ).

وقد قال باعتبار الخبر كل من :
1- المحقق البحراني في ( الحدائق الناضرة، ج7، ص 436 ).
2-الشيخ المجلسي الأول في ( روضة المتقين، ج2، ص 213 ).
3- قال المجلسي صاحب البحار في ( مرآة العقول، ج 15، ص 468 ) : (حسن وروي مثله في العلل بأسانيد صحيحة). 4- آية الله العظمى الشيخ السبحاني في كتابه ( الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، ج1، ص 126 ).

وهذا خبر صحيح صريح في أن الدين لا يؤخذ من الأحلام والمنامات، وعلى فرض أن بعض الأحلام تكون لها بعض المصاديق الواقعية، إلا أن هذا النص الصحيح يؤكد أن أمور الدين خارجها تماماً، وليس لها علاقة بتاتاً بالمنامات !

ثانياً : روى ثقة الإسلام الكليني في ( الكافي، ج 8، ص 90 ) بإسناد صحيح :
(علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الرؤيا على ثلاثة وجوه : بشارة من الله للمؤمن وتحذير من الشيطان وأضغاث أحلام ).

فكيف لمشاهدي الأحلام أن يحكموا أن ما رأوه هو بشارة لا سيَّما أن تعبير الرؤى والأحلام يصعب على الكثير فهمه وتأويله لأنه من العلم الإلهي الذي يعلمه لأوليائه عليهم السلام ؟!


* أقوال علماء الإمامية في المنامات وأحكامها.

ثالثاً : تعددت أقوال علماء الإمامية في أن المنام لا يُعمل به، وغاية ما فيه أنه من المبشرات التي لا يُبنى عليها حكمٌ، وليس حجة في المقام في الفروع فضلاً عن أن يكون كذلك في الأصول.


1-قال الشيخ المفيد في ( الفصول المختارة، ص 130 ) :(ومع ذلك فإنا لسنا نثبت الأحكام الدينية من جهة المنامات وإنما نثبت من تأويلها ما جاء الأثر به عن ورثة الأنبياء - عليهم السلام - ).

2- قال الشريف المرتضى في كتابه ( رسائل المرتضى، ج2، ص 10 ) :
(مسألة : في المنامات صحيحة هي أم باطلة ؟ ومن فعل من هي ؟ ومن أي جنس هي ؟ وما وجه صحتها في الأكثر ؟ وما وجه الإنزال عند رؤية المباشرة في المنام ؟ وإن كان فيها صحيح وباطل فما السبيل إلى تمييز أحدهما من الآخر ؟ .الجواب وبالله التوفيق :من كلام المرتضى ( قدس الله روحه ) سادسة المسائل التي سألت عنها :اعلم أن النائم غير كامل العقل ، لأن النوم ضرب من السهو ، والسهو ينفي العلوم ، ولهذا يعتقد النائم الاعتقادات الباطلة ، لنقصان عقله وفقد علومه . وجميع المنامات إنما هي اعتقادات يبتدأ بها النائم في نفسه .. إلخ ).

أقول : لذلك يطالب هذا الضال عوام الناس بأن يذكروا ذكراً معيناً مخترعاً من عنده لكي ترسخ الفكرة في ذهن المرء ثم يبتدأ بها نفسه في المنام ليراها فيما بعد، فمن يفعل هذا فهو يمارس الإيحاء الذهني وهو ما يقصده الشريف قدس سره.

3- قال الشيخ الجليل الحر العاملي في كتابه ( الفصول المهمة في أصول الأئمة، الجزء الأول، ص 689 ) : ( باب أنه لا يجوز العمل بالمنامات في الأحكام الشرعية ).

4- قال العلامة المجلسي في كتابه ( مرآة العقول، ج 15، ص 469 ) :
(ثم إن هذا الخبر يدل على أن بالنوم لا تثبت الأحكام ).

5- قال السيد محسن الأمين في كتابه ( أعيان الشيعة، ج 2، ص 103 ) :
(وأما الاعتماد على المنامات في تضعيف الرجال فغريب طريف ).
أقول : لا أدري ماذا سيقول لو رأى السيد الأمين من يعتمد على المنام في بناء العقائد وأصول الإيمان ! وقال أيضاً في ( ج5، ص 401 ) : ( لا يستند إلى المنامات إلا ضعفاء العقول أو من يروجون بها نحلهم وأهواءهم ).

6 - قال السيد محمد حسين الطباطبائي في ( تفسير الميزان، ج 11، ص 269 ) :
(نعم مما لا سبيل أيضا إلى إنكاره أن الرؤيا أمر إدراكي وللخيال فيها عمل والمتخيلة من القوى الفعالة دائما ربما تدوم في عملها من جهة الأنباء الواردة عليها من ناحية الحس كاللمس والسمع ).

7 - قال السيد محمد رضا الجلالي في ( مقدمة كتاب شرح المنام للشيخ المفيد ) : (مهما يكن ما ورد في المنام من أحاديث ، تدل على أن منها ما هو صحيح وصادق ، بل - كما ورد في بعض الأخبار - منها ما هو جزء من أجزاء النبوة ، فإن المنامات ليست في أنفسها حجة معتمدة في شيء من العلوم ).

المصدر:
http://hajrrona.dyndns.org/hajrvb/showthread.php?t=403024879

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق