الأربعاء، 9 يوليو 2014

الشيخ الفاضل المنار (عضو بشبكة هجر) : المستبصرون وطرق نشر دعوة احمد الحسن وأخطاء فكرية لدى المتلقي المسلم - 3

السلام عليكم ورحمة الله

يجب ان نناقش جميع الادلة ، ونبين حالها ، وقد بينت حال المنامات التي تتوافق مع دعواه وقوله -عند من واجهه حينما كان ظاهرا لم يختبئ والان يمارس الدور مع كل من يخبر عنه بانه سيلتحق به- . فقد اوجد تنظيما استخباراتيا عن اصحابه وعن دعوته . ولا يهمني ان يصدق من صدق باليماني بعلاقته بالمخابرات الصدامة وما شابه ذلك فهذه امور ليست له وليست جوهرية لاننا نناقش اساليب نشر الباطل وسنناقش ما يعتمدون عليه في ردنا رواية رواية وفكرة فكرة اذا بقي فينا عمر ونسأل الله ان ينجينا من الفتن والزلل ونسأله تعالى ان يهدي كل مؤمن دخل هذا التنظيم من زاوية حب الامام وانتظاره واذا به يدخل الى عداوة الامام ومحاربته وهو لا يدري .

قد يأتي قائل مغفل فيقول: انا لا ارى تأثيرا سحريا على منامي و لا اقتنع ان منامي كان هاتفا سحريا شيطيانيا .
فاقول: ان العقل يدفعنا في حال الاحتمال الى التوقف ، وهناك احتمال علمي عملي موجود على اقل تقدير ، والعقل السليم المقيم بالحجة يدفعنا الى الاحتياط في هذه المسألة لان التحفظ على اداء التكليف متوقف على عدم الدخول فيما يحتمل فيه المخالفة وعدم الاداء ، فكيف والاحتمال معتد به عقلا ؟
ثانيا : ان من يقول هذا لا يدري ما السحر؟ ولا طرقه؟ ولا كيفيته؟ فنفيه يعبّر عن عدم اهليته للتفكير في الامر وليس عن اعتراض ذو طابع علمي ، وما عليه الا ان يجرب ويفهم كيفية تاثير هذا الامر .

سيقول : اذن انت تدعونا لعمل السحر وتعلّمه وهذا من المحرمات اليقينية .
اقول: اولا : قلت ان نفس الهاتف نوعان نوع يدخل في السحر ونوع لا يدخل فيه . والذي لا يدخل هو استخدام الملائكة خدام الايات مع حلّية الهدف من الهاتف بحيث لا يؤدي الى محرم كالظلم والاذي وقهر الناس على شهواته فانه يتحوّل الى سحر وقد ينسحب عنه الملائكة ليستلمه الشياطين .
ثانيا : انما طلبت ذلك ممن تورط ودخل في دائرة السحر وهو لا يدري فان ما يقوم به الان من محرمات ومن خروج عن الدين اكبر بكثير من اثم السحر فلا يبتأس اذا اتى بذنب صغير (على فرضه لاننا لم ندعوالى استخدام اساليب السحر المحرمة) فان اثم ما يقوم به يعادل اثم فرعون واصحاب التابوت ، وهو يعبد الشيطان ولا يدري فليس عليه من بأس ان يتحرى حتى يعرف هل ما هو فيه من قبيل فعل الشيطان؟ ام لا ؟ والله اعطاه عقلا يميز به وعليه التوقف برهة مع الذات لقراءة الواقع بشكل جديد وعين جديدة .
سيقول : انت تميز بين السحر والروحانية المحللة ولكن الناس ليس بمقدورهم التمييز فكيف تقول لهم جربوا ؟ اليس هذا اغراء للمكلف بالمحرم؟
اقول : لقد بينت ان التمييز موجود عند كل عاقل اذا التفت الا ان يكون غبيا يقال له هذا هو الشارع المعبد بالاسفلت وهو واقف عليه فيصيح اين هو لا اراه . فان قاعدة التمييز واضحة جدا .
ثم انني اطلب ممن وقع في الأمر وهذا قد اشرك بالله ودخل في حكم الطاغوت وضمن منزلة قعر جهنم بضمان الله له ، فلا يهمه كثيرا ان ياتي بما يعتقده محرما ليعرف هل هو من اهل النار الخالدين فيها على ما ارتكب من حماقة؟ ام هو من اهل الايمان ؟ فان من اشد الضروريات له ان يعرف انه وقع في شباك الشيطان ، وعليه ان يسلك نفس الطريق الذي تم تطويعه به ليعرف كيف طُوّع لهذا الشرك والخروج عن الدين .

وقد يقول قائل : ما يضمن له المعتقد بان يسيطر الشيطان على تجربته فيمنع وصول الهاتف ليثبت له ان هذا الكلام خطأ وهو من ابسط الامور على مثل ابليس .
فاقول: من يشكل هذا الاشكال فقد احسن بحمد الله ، والجواب : انني طلبت منه ان يستعمل الهاتف الرحماني لا الشيطاني ، فان الشيطاني غير مأمون عليه ، ولهذا طلبت الطهارة والتحصين من الشياطين والعمار ، والتحصين ضروري جدا ، وفي هذه الحالة فلن يكن للشيطان أي تاثير فهو عاجز ذليل تماما امام المؤمن او حتى غير المؤمن الذي حصن نفسه تحصينا جيدا . فلهذا لا يمكن الاختلاط ولا يمكن التأثير الا اذا لم يحصن نفسه ولم يقم بطرد الشياطين الذين يحومون حوله ، خصوصا من تورّط في هذه الدعوة فانه محاط بشياطين يراقبونه ليل نهار ويوحون له بافكار عجيبة غريبة مخالفة لمنطق البشر ، ولهذا فهو يحتاج الى التحصين والى استعمال الهاتف الايماني ويمكنه ان يستقيه من كتب موثوقة على ان ينظر الى كون المستخدمون هم خدام الايات او الاسماء الحسنى ويكون الفعل محلل بنفسه فلا يرسل هاتف للحب او للاذى فهذه افعال محرمة بذاتها فان الملائكة لا تستجيب لمثل هذه الافعال .

وعلى كل حال انا مستعد لاي اشكال في الامر وعلى من يعتقد بانه لا يعقل ان تكون هذه الدعوة مبنية على السحر والشياطين ، فهو لا يدري ما السحر ولا قابلياته وعليه ان يجرب بنفسه ويتقي الله فيما يجرب ، وسيجد انه مخطئ مليون في المية ، وانه جاهل لا يدري ما يحاك عند الاشرار ، وهذا ضعف في النفس الانسانية وهو مدخل لكل شر يدخل الانسان .

فاذا استوفينا الحديث نأتي الى الاستخارة وكيفية السيطرة عليها ، وهذا امر مهم . وبعدها المعاجز ، وبعد ذلك ننتقل للاستدلالات التي هي خارج ايمانهم بالمدعي لليمانية فان النصوص التي يستدلون بها انما هي للرد على شيعة اهل البيت وايهامهم بانهم شيعة ويعتمدون نصوص الائمة وهم كل يوم يعثرون على نص يرونه قد نصرهم وهو يكسر الشيعة والحقيقة هو تحريف واضح لا يصح الاستدلال به اصلا ، فما يطرحونه ليس لاجل اعتقادهم باليماني فهذا ليس له أي علاقة بالثبوت عندهم ، وانما لأجل الرد والتشويش على الشيعة من نصوصهم ، واغلبهم يعلمون بانهم انما يقومون بذلك فانما من باب الزام الشيعة بما الزموا به انفسهم ، والعقيلي يصرح بذلك فهو ليس منهم وقد خرج خروجا نهائيا من التشيع باعتقاده في داخله وبفلتات لسانه وهذه المناظرات والكتب التي يستدلون بها على احقيتهم تدل على ذلك بوضوح.
فلهذا قدمت انا المنام والاستخارة ويجب ان نعرج على المعاجز المدعاة لاحمد اسماعيل صالح الهنبوشي السويلمي قبل الوصول الى النصوص التي يتراقصون حولها.

انبه الاخوة الكرام الى امر مهم .
ارى الاخوة كثيرا ما نسبون الرجل الى قاطع ويمون الجماعة بالقواطع ، وهذا فيه توقف وغير مفيد اصلا في بيان باطل هؤلاء ، فان النسابة لم ينسبوا هذا الرجل الى قاطع ، والقاطعية انما هم ابناء عمهم البعيدين ،كما في مشجرات نسبهم ، ولكن نقل لي احد الاخوة وهو جار بيت اسماعيل بن صالح الهنبوشي بان اسماعيل نفسه يلقب في المنطقة بـ (قاطع) فيقال هناك ابن قاطع ، ولهذا وصل للشيخ الكوراني حفظه الله بانه ابن قاطع وقد تخيل بعضهم بانه احمد ابن اسماعيل بن قاطع وهذا غير صحيح بل ابوه هو اسماعيل بن صالح ، وعلى كل حال فانه ما دام لم يذكر اسم قاطع في نسبه فلا ينبغي للاخوة ان يكرروا هذا الاسم بل عليهم ان يؤكدوا انه سويلمي من عشيرة معروفة فهذا اقرب لبطلان دعوته من اساسها ، وسنأتي لموضوع النسب وانقطاع نسبه ، وهل هو مهم في البحث عنه؟ ام هو غير مهم كما ينشر اتباع هذا الساحر ؟
فارجو ان يعينني الاخوة على تحليل هذه المعلومات التي اطرحها كما فعل الاخ سيف الولاية حفظه الله وارجو ان يستمر اخونا المعتمد في تحليل نصوص المسلسل الذي وضعوه لبيان خلاصة ارائهم وفكرهم وعظمة الدعوة التي يتمسكون بها وان يضع للمؤمنين الرابط حتى يسمعوا ويراقبوا ويعرضوا ملاحظاتهم امام الناس لبيان اين وصل ابنائنا الشباب الذين هم كالزهرة اليانعة للوصول الى خلل التفكير البهائمي والى عدم القدرة على العرض المقنع والى افكار لا يمكن القبول بها مطلقا وقد قبلوها واصبحوا يدعون لها ، وهذا امر مؤسف يجب ان ينتبه له ابنائنا خصوصا من قام بالتمثيل والكتابة والتفكير ، واما هذا المستبصر والعراقي المشارك معهم فلهم الله ان يساعدهم ليكشف عن ابصارهم الزيغ الذي وقعوا فيه فارين من الباطل الى باطل لا يعرفون مداه .

لعل من المنهج السليم ان نبيّن ان هذا الرجل لا يملك أي هدى اصلا وانما كل ما يقوله ويدعو اليه ضلال في ضلال، وهو مناقض لصريح القرآن العزيز وعدو لاهل البيت ايما عداوة ، ولكن لان اتباع هذا الرجل لا يرون اطلاقا معاني الهدى والضلال وقد التبس عليهم الامر لانهم امنوا بنظرية معينة ويطردون من ذهنهم أي تفكير فيما يؤدي الى عكس مطلبهم فانني قررت بحث سبب ضلالهم العملي وتعريفهم بما يجري لهم من البداية وفق عرض المسلسل وبعد ذلك تأتي مناقشة الافكار الضالة ، وما طلبه الاخ سيف الولاية من التفكير في رد العصمة بسبب وجود اخطاء كثيرة عند هذا الرجل وتحقق الخطأ ينفي العصمة والخطأ هنا حسي ملموس لانه مسجل بصوته ، وهذا الكلام صحيح بحد ذاته ومدمر لفكرهم ولكن لأن الشيطان قد ركبهم فانهم وجدوا قراءة شاذة تطابق واحدة من اغلاطه فطاروا بها فرحا واخذوا يعلنون بأن قراءة المعصوم هي الصحيحة وان على المسلمين ان يبدلوا قرائتهم ونحوهم ولغتهم وفق اخطاء امامهم الصدامي المعصوم ، وهم الان كما تراهم في اليوتيوب يتقافزون فرحا لاكتشافهم ان المعصوم لا يرد عليه فالاخطاء التي نراها انما هي صواب والخطأ حاصل في افكارنا لانها مخالفة لفعل معصومهم ، فلا نريد ان ندخل في سجال فعلينا ان نحقق القضية من جذورها .


المصدر:
 http://hajrcom.com/hajrvb/showthread.php?t=403030066&page=3

الاثنين، 7 يوليو 2014

الشيخ الفاضل المنار (عضو بشبكة هجر) : المستبصرون وطرق نشر دعوة احمد الحسن وأخطاء فكرية لدى المتلقي المسلم - 2

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سوف نقوم بتفكيك كل الادلة تفكيكا علميا ونكشف عن مواطن الخلل الاساسية ونبدأ الان بهذه الادلة وتفكيكها :


لا ننسى ان اهم دليلين عند اتباع هذا المدعي هما الاستخارة والمنام وبعد ذلك تاتي النصوص بعملية اسقاط من خلال القناعة بالدعوى نتيجة الاستخارة والمنام .
وقد احتاجت هذه المنظومة الى ادلة نصية مفبركة من اجل المستبصرين ابعدهم الله عن الشيطان فنمت وتطورت الدعوة الى افكار غريبة وبعضها كوميدي حقا ولكنها مقبولة ومأنوسة عند من امن به نتيجة امور غير نفس تلك النصوص .

لان هذا الساحر يأمر كل من يقابله بقوله (يجب عليك ان تسأل الله عني فانه سيجبك عن حقي وعن انني اليماني المنصور بالنبي وآله ) أو شيء من قبيل هذا الكلام وحين يستخير تكون الخيرة آمرة باتباعه ولعل في بعض الحالات التي سمعناها يقول له ستخرج لك الاية الفلانية التي تفسيرها انني وصي الاوصياء وتكون النتيجة مطابقة بل بعضهم يكرر الاستخارة فتطابق النتيجة . فاذا استخار يقول له (سترى اليوم او خلال اسبوع اشارة من المعصوم بالمنام بانني ابن الامام وانني رسول الامام فيراه فعلا) او أي قول من هذا القبيل .

وحقيقة الاستخارة والمنام امران محيران بالنسبة لمن يواجهه هذا الامر . لانه يوافق المطلوب مباشرة وهذا يدفع احتمال الصدفة فيكون مبني على حقيق الاتصال بالله كما يبدو .

وهذه يعتبرها الكثير ممن لا يعرف القضية بانها معضلة دينية وعقائدية وانها حجة ما بعدها حجة فان هذا التطابق بين قوله وبين الاستخارة والمنام امر عظيم .
واكثر من ذلك ان يتكرر حال الاستخارة والمنام عند بعضهم. فان التكرار يبعد احتمال الصدفة وعدم القصد فيكون الامر مقصودا من المسؤول وهو الله . وهذه قضية كبيرة ومحيرة عند الاخوة كما يحيرهم ان بعض من ينتمي اليهم تزاداد ماليته بشدة ويخبر الناس بانه اصبح مرزوقا بمجرد الايمان بهذا الامام وان امواله بدأت تتضاعف ببركة الامام المعصوم القائم عليه السلام. وسنأتي لاحقا الى دليل المعاجز ومنها سعة رزق بعضهم فجأة.

الدليل الاول المنام :

ان حقيقة ما يجري في قضية المنام هي ان احد ابسط قواعد السحر هي ارسال الهاتف في المنام وبعضها في اليقظة ايضا ، وبارسال الهاتف يمكن التحكم بمنام أي شخص ، وقد تعلم هؤلاء السحرة في معهدهم بان هذه الحالة يمكن استغلالها سياسيا واجتماعيا لتدمير الخصم . وليس فقط للاغراض الفردية كما يعمل عليه في دكاكين السحرة وفتاحي الفال . ويجب ان يعرف المؤمن ما هو ارسال الهاتف؟ وكيف يعمل ؟ وكيف تم عمل هذا اليماني وغيره من خريجي نفس المدرسة.

اقول الحقيقة بانني اتصلت بجميع هؤلاء السحرة لأعرف ما هي حقيقتهم؟ سواء من يدعي مذهبا جديدا او من عمله فقط اغراء النساء وابتزازهن وكذا ابتزاز بعض الرجال الذين يختلون نتيجة الحركات والخدع السحرية .


ما هو الهاتف ؟

الهاتف هو ارسال ملك او شيطان او جن في المنام او في الخيال .
وقد يكون ياتي لامر محدد او قد يأتي بامر غير محدد وانما للازعاج لحد التمريض وقد يصل للجنون وهذا من السحر الاسود كما يسمونه لانه بالغ الضرر بالانسان . بينما اغلب الاستخدام هو في تغيير القناعات كأن تحب البنت رجلا لا يهواها فتحاول تغير قناعته بالهاتف الذي يرسله الساحر ولكنه لا يعلّمها الطريقة .
وليس كل الهاتف شيطاني وسحر ، وانما بعضه روحاني يُعتقد انه حلال ولكنه ضعيف ولا يتحقق دائما وهو لا يعمل الا في امور خاصة وحلال وليس فيها دعوى وادعاء باطل وله شروط لا نطبق اطلاقا على ما نحن فيه وهذا تنبيه مهم .

المهم ان ارسال الهاتف في الغالب يستعمل لأمرين الاول هو الاقناع بشخص ما من اجل الحب وتقريب القلب مثلا ، والامر الثاني هو للازعاج والتخويف والتطويع والتعذيب النفسي وهذه الاسباب الرئيسية وناك دوافع اخرى.

وارسال الهاتف له العديد من الصور ، فقد يأتي بصورة الانسان المرسل للهاتف وبشكل محبب غالبا من اجل الحب وكسب القلب .
وقد يأتي بصورة لا يعرفها المرسل اليه وانما هي صورة بهية او صورة مرعبة حسب الغرض من الهاتف .

وللهاتف طرق كثيرة واساليب عديدة:
1. منها ما هو ديني بالاستعانة بالله وذكر اسماء بعض الملائكة .
2. ومنها ما هو شيطاني محض بذكر اسماء الشياطين وتسليطهم على المرسل اليه .
3. ومنه ما يجمع بين الاثنين كأن يبدأ بالدعاء الديني الرباني ثم ينتهي بذكر اسماء الشياطين وتسليطهم على المرسل اليه .

والطريقة الثالثة انما هي لخداع البسطاء من اجل التوغل في السحر بظنهم انهم يعملون عملا دينيا صحيحا بالاستعانة بالله .

ثم ان الهواتف بطلب ديني انما هم ملائكة ولاغراض محدودة ولمرة واحدة ، بينما الهواتف الشيطانية مختلفة فمنها لمرة واحدة في كل عمل ومنها لمرات عديدة في العمل الواحد ومنها لعمل اتفاق مع الشياطين للهاتف الى مجاميع من البشر بشروط معينة تتحقق حسب الشرط في الغالب او حسب الاشارة من المرسل . وهذا يكون عند السحرة الكبار .

وهنا يأتي السؤال من اين عرفنا ان هذه الدعوة قائمة على هاتف يرسله الساحر وليس مناما حقا وهو جزء من سبعين جزء من النبوة ؟

المنام الحق يأتيك بنفسه وليس بعد دعوة معينة وتنبيه من اجل اقناعك بامر خطير يصعب تصديقه بنفسه .
والرؤيا الصادقة لا تأمر بباطل ، حيث ان هذه الدعوة تمس العقيدة والفقه والمنهج ، وسلوك هذا الرجل هو عين الباطل وهذا ما لم يسأل عنه البسطاء ولم يلتفتوا الى ان دعواه لها ربط بالعقيدة التي يجب ان تؤخذ بطريق قطعي ولا يكون الا بالعقل وحكمه وليس بطرق ظنية غير مؤيدة بالدليل العقلي الصادق . والملاحظ انه بعد ان يؤمن به الانسان يبث فيه ان عقيدته وفقهه ودينه هو الصحيج بينما كل العلماء اجماعا هم على خطأ وهذا دجل فني واضح. لانه يسد الباب مسبقا على المريد حتى لا يفكر في السؤال والاستفسار .
ثم ان الرجل قد درس في بغداد عند خريجي واساتذة المعهد الباراسيكولجي وجماعة الكزنزنانية الذين اليتقينهم وعرفنا كل اساليبهم وطرقهم في سرقة الاعمال الروحية ودمجها بالاعمال السحرية . وموضوع الهاتف يمكن ان يقوم به أي شخص وهو ينجح مع 80 بالمائة من الاشخاص الذين يقومون به . وهو لا يحتاج الى تقنيات سحرية ورياضة كثيرة وكبيرة .
وقد طلبت الرياضة الروحية من الشاب الشيخ احمد كما يسمونه (ويقال بانه اتى الى النجف باسمين مرة يسمي نفسه احمد ومرة اسمه حسن ويقال ان اسمه الحقيقي حسن) . وهو قد انعزل سنين وهو يعمل هذه الرياضات وقد قيل عنه انه منعزل وان عزلته انزلت عليه الوحي والالهام والعلم المعصوم.

وسيقال وهل هذا العمل كان موفورا في زمن صدام ؟

نعم هو متوفر لكل من تخرج من معهد الباراسيكولجي العراقي باشراف الدكتور الحارث السوداني الذي قتل (حسب ما قيل) سنة 2008 قبل انكشاف امر جند السماء وقاضي السماء ضياء القرعاوي بثلاثة شهور تقريبا ولا يعرف من قتله؟ ولماذا؟ وهل القصة حقيقة ام من الخيال ؟
ان الدكتور الحارث السوداني درس السحر في المعهد الباراسيكولوجي الروسي في موسكو ، وهو من كبار معاهد السحر المتقدمة جدا التي صرف عليها الاتحاد السوفيتي كثيرا ، وكان يعنى كثيرا بالتلباثي (التواصل الفكري اللاحسي) ويعنى بقوة التحريك للجمادات من خلال الروح والتركيز ، وبقراءة الافكار وبامور اخرى من الطاقات الروحية الخطيرة ، وقد استطاع هذا الرجل (وهو من اصل شيعي من البصرة) اقناع الرئيس العراقي صدام حسين سنة 1984 -كما اظن- بقدرته على تدريس السحر وتكوين مجموعة تخدم الحكم سواء بالتنبؤ او بقراءة افكار الاعداء ، او بالتأثيرات السحرية الايجابية والسلبية على الناس من اجل التأثير لمصلحة الحكم .
وقد التحق بهذا المعهد الكثير من اساتذة الجامعات بطلب من وزير التعليم العالي ، وهذا ما جعلنا نتعرف على اسرار هذا المعهد ، كما التحق به ضباط الامن والمخابرات والاستخبارات وخصوصا طلاب معهد الامن القومي ، وهذا المعهد قد خصص فيه صدام دفعتين منه للولوج الى داخل الحوزة العلمية فرتب بشكل استثنائي دراسات لكيفية التحايل والدخول للحوزة والسيطرة على الفكر الشيعي , وكان من جملة الضباط السيد رياض النوري الذي اخترق بيت السيد محمد الصدر والذي قتل بعد ذلك في ظروف غامضة في النجف وهو قد اعترف لمجموعة بانه ضمن دفعة ضباط معهد الامن القومي ، ومن الخريجين من معهد الامن القومي السيد محمود الصرخي ومنهم الشيخ اليعقوبي وهناك اسماء كثيرة تصل الى حدود 250 شخص ، وبعض هؤلاء الطلبة قد طلبت القيادة ادخالهم الى معهد الباراسيكولجي لتعلم السحر لاغراض خاصة وممنهجة وكان من جملة الداخلين للمعهد ابو علي الشيباني الحارس من قبل الامن العراقي للمرجع السيد عبد الاعلى السبزواري قدس سره وهو الان ساحر على القنوات التلفزيونية ويبشر دائما بحركات اليماني والصرخي وقاضي السماء واسمه الحقيقي حميد ونسيت اسم والده لعله هاني وهو مشتهر بالنجف وغماس باسم عفلوك ، ودخل في هذا المعهد ايضا الكثير منهم الصرخي واليماني هذا وقاضي السماء ضياء القرعاوي والداعي الرباني فاضل المرسومي والكثير من هؤلاء لتكوين مجاميع وكلهم تقريبا يدعون الاتصال بالامام المهدي وادلتهم متشابهة وهي المنام والاستخارة والعلم اللدني بالافلاك والفيزياء ويدعون انهم يعرفون كل شيء الا العقيدة الشيعية والفقه الشيعي والسلوك الاخلاقي الشيعي . ويدعون المعاجز والكرامات بنفس طريقة معاجز الهندوس والرهبان المسيحيين الذين يشفون المرضى وبنزلون الانوار على الاماكن المقدسة وما شابه ذلك من (نِمَرٍ) سحرية معروفة جدا بين السحرة.
ان كل حركة سحرية مدروسة بسيناريو تسمى عندهم (نمرة) وهذه الحركات تباع من قبل راسمين للسيناريوا فاذ كانت مكررة فسيكون سعرها رخيصا مثل الف دولار واذا كانت لاول مرة ومعقدة ولا تعطى لغير بعض الافراد فتكون باسعار خيالية من عشرين الف دولار الى نصف مليون دولار ، مثل تقطيع الفتاة والاختفاء وما شابه ذلك .

نرجع الى الرؤيا التي يراها المدعو للايمان باليماني فانه يرى الرؤية التي تدعوه للايمان باليماني .
فان تكوينها سهل في الحقيقة ولكن كي تكون واسعة ومنتشرة فيجب لها ان تتحقق اعمال وتهيئات خاصة ، ولهذا فقد سافر كل هؤلاء بما فيهم احمد اسماعيل الى الهند للتزود بالاساليب العالية التقنية في السحر .
ولهذا فان الهاتف الذي يرسله يستجيب فورا وبشكل دقيق حسب البرمجة التي تغذى للهاتف الذي هو شيطان ويدار من قبل ابليس نفسه .
وقد تصدى بعض المخلصين لمعرفة هؤلاء وكشفوا اللعبة تماما وانها عمليات شيطانية بادارة ابليس واحمد اسماعيل حسب الخبرات المكتسبة من الهند.
سوف يقول بعض المؤمنين باحمد اليماني هذه المعلومات كذب ولم نسمع بها الى ما هناك .
فاقول ما عليكم يا اخوتي الا ان تجربوا .
اولا : اغتسل وصلي ركعتين بنية الاجابة
ثانيا : حصن نفسك بتحصين مناسب من الجن والشياطين
ثالثا قم باحد اعمال الهاتف وابعثها لشخص تعرفه او قريب وحدد ما تريده من الهاتف . وكرره مرتين او ثلاثة فسيأتيك المرسل اليه ليحدثك بما ارسلته انت اليه .
ولا انصحك ان تعمل هاتفا شيطانيا بل رحمانيا وهذه الهواتف موجودة على النت يمكن لاي طالب حاجة ان يتعلمها سواء من النت او من الكتب .

حدثت معي قصة طريفة :
في حدود سنة 1988 جاءنا شخص يقول بانه متصل بالامام مباشرة وانه مبشر به في اليقظة والمنام وما شابه ذلك ، وقد سمعت من اتباعه ان بعضهم اتاه على صورة نورية في اليقظة وبعضهم حدثني عن رؤيا عظيمة في الرجل ، وبعضهم اخبرني بانه يخبر بالمغيبات .
فذهبت الى شيخي واخبرته بذلك فقال ان هذا يقرأ الافكار ويبعث الهواتف في اليقظة والمنام . فاستبعدت ذلك فال لي جربه واعطاني طريقة لاكشف قراءته للافكار ، فجربتها معه فضبطت تماما وثبت عندي قراءته للافكار ، وبعدها قال لي شيخي استعمل هاتف روحاني بطريقة محلله فقلت له ان سائقي اختلس وانا عرفت ولا اريد ان اقول له فقال وجه عليه هاتفا فسيخبرك ويعتذر . واعطاني صيغة هاتف نسيته ولعله ارسال خادم سورة القدر (وهذا غير دقيق) بقراءة السورة عدة مرات ، وقال لي لانه اول مرة تفعله فكرره ثلاث مرات . فجلست تلك الليلة وعملت بما اخبرني به وطلبت من الخادم ان يعاقبه ليعترف امامي واسامحه . وكنت متيقنا ان الامر لا يضبط في اليوم الاول . ونويت في اليوم الثاني ان احسن اداء الورد والعمل . ونمت وفي الصباح اتاني الساق خلاف عادته يقبل يدي ويعتذر مما صدر منه ويعترف فسامحته ، وانا في الحقيقة اريد ان اعرف ما حدث فبقت الح عليه لمعرفة ما حدث له حتى يعترف فحدثني بمجيء شخص نوارني رهيب عذبه ونهره لعمله معي وهدده بالقضاء عليه وضربه على كتفه وهو يقول بان كتفه لا زال موجوعا من الضربة . فتعجبت من هذا الهاتف ومن قوته مع انه رحماني وليس شيطانيا.
فتبين ان هذا الامر هو من ابسط الامور وان المغفلين لا يعرفون معنى الهاتف ولا فاعليته .
فانه يأتي بصورة جميلة ويقول انا النبي محمد واطلب منك كذا وكذا وعليك بكذا وكذا الى اخره والاخ يصدق به .

سوف يقول ضعيف المعرفة ان الرسول قال من رأني فقد رآني وان الشيطان لا يتمثل بي . فاقول له هل رايت النبي بنفسه ؟ انك رأيت الشيطان بصورة جميلة اخبرك بانه النبي ، ولم تر النبي لانك لا تعرفه ولا تعرف صورته.

لمجرد الثقافة اضع رابطين من عشرات بل مئات الروابط لعمل الهاتف في الانترنت :
http://sheykhrohani.arab.st/t652-topic


http://hibou.clubdiscussion.net/t679-topic


مصدر المقالة:
https://hajrcom.com/hajrvb/showthread.php?t=403030066&page=3

الأحد، 6 يوليو 2014

الشيخ الفاضل المنار (عضو بشبكة هجر) : المستبصرون و طرق نشر دعوة احمد الحسن و أخطاء فكرية لدى المتلقي المسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في رمضان هذا بدأ أنصار من يسمي نفسه احمد الحسن اليماني بنشر أفكاره على مستوى الإعلام العالمي المدعوم عادة . فتح المدعو اليماني البصري فضائية تكلف حوالي مليون الى أربعة ملايين دولار بالإضافة الى الكلفة السنوية بحدود مليون دولار ، وهناك مصارف كبرى اخرى يصرفها على المستبصرين في مصر والمغرب العربي وغيرها بالاضافة الى تكوين مجاميع منها مسلحة وغير مسلحة في العراق وكل من امن بطريقته ظهر عليه تحسن الحال فجأة واعتبر ذلك معجزة كما هو واضح .وقد حاولنا فهم هذه الحركة المريبة ، فتبين لنا ان بدايتها ليس مهما فنحن نعرفه ونعرف من صنعه؟ وكيف ذلك؟ ومقدمات ذلك الامر؟ من قبل ان يولد هذا الشاب . وإنما المهم توظيفها لصالح مخابرات إقليمية بدواع طائفية في السنين القريبة الماضية وهذا هو الأهم .للأسف دولة الإمارات تورطت في هذا الأمر بشكل أساس حسب معلوماتنا مع تورط بعض الدول الخليجية الاخرى في التمويل ، وكل قصدها هو محاولة إيقاف نمو التشيع في الحواضن السنية نتيجة تفتح أفكار الناس والقراءة المتنوعة ومحاولة تشغيل العقل لدى الكثير من شباب أهل السنة . وطرق مكافحة هذا التشيع المنتشر بين الشباب -بدون دعوة شيعية أصلا- متعددة، منها التشهير والكذب على التشيع ومنها نشر مغالطة المداخلة بين الشيعي والتشيع مع إيجاد نموذج مصنع للشيعي السيئ من اجل ضرب التشيع ، ومنها الارهاب والتعنيف واصدار قوانين مخيفة لكل من يتشيع وكانه يرتكب فجورا يجب ان يفضح او يعاقب عقابا جسديا او ماليا او نفسيا ، ومنها استخدام الفكر الشيعي بطريقة معكوسة ومنها استهداف نفس المستبصر وتدميره ماليا واجتماعيا وفكريا وهزه هزة خطيرة في حياته . وهذه الأخيرة هي الطريقة التي اختارتها بعض المخابرات نتيجة خبرة المخابرات العراقية التي طبقت في العراق وفي البحرين في نهاية الثمانينيات و أواسط التسعينيات من القرن الميلادي الماضي لتدمير التشيع من الداخل وكان النجاح محدودا إلا انه مؤثر في الطبقات المغفلة ، وكانت هذه الطريقة مؤثرة في حياة المستبصر الوله للمعرفة فهنا تتبرع المخابرات لإيجاد طريقة لحشو الأفكار الخاطئة ولإيجاد مرجعية مصنعة بديلة تعتمد على الخيال والكذب والسحر ومهمة هذه المرجعية فصل المستبصر عن المرجعية الشيعية بل يتحول الى عدو للمرجعية الشيعية ، ومن ثم يقدّر امره عندهم فاذا انخرط تماما في المشروع فتتبناه تلك الجهات لنموه في تدمير الآخرين واذا لم يكن فعالا فيمكن تدميره نفسيا نتيجة خلط الافكار واماتة المنطق السليم الذي دعاه الى التشيع من خلال الولوج في هذا الفكر المندس باسم التشيع . وهذه العملية الآن تأخذ منحى خطيرا بين المستبصريين الذين لا نعرفهم أصلا لعدم علاقتنا بهم في اغلب العالم العربي.واهم الطرق الحديثة لتدمير نفسية المستبصر هي إدخال مذاهب براقة في حقيقتها الى المجتمع المتحول ، تعتمد على الظاهراتية البروتستانتية المتحولة الى القصدية والنسبية معا بمزج الماء بالزيت ودعوى السفارة والروحانية والإشراق الروحي باستخدام ادوات السحر المعروفة تماما للخبراء واهم شيء في هذه الحركات هي بحوث الدلالة القائمة على الحداثوية ونسبية الحقيقة ونسبية المعرفة وتفريغ النص من قصد المتكلم . وبعد ان يتورط الباحث عن الحق المستبصر بهذه العملية تختل عنده الموازيين وتعتمر في نفسه الانفعالات النفسية شديدة الخطورة على حياته وعلى مستقبل اسرته ، ويتحول إلى عدو للتشيع الذي امن به بنفسه بدون دعوة احد واكثرهم تأثر بتنبيه صديق او من مشاهد على النت او من قراءات دينية متعددة الاتجاه باي وسيلة من وسائل القراءة والمشاهدة والسماع . ان الكثير من المتورطين بهذه المناهج مثل حركة احمد الحسن اليماني ، هم في الحقيقة ممن لم تتوفر لديهم المعلومات الكافية التي يمكنها كشف هذه الألاعيب وإيقاف التدهور في نفس الداخل بهذه الحركة. فقد وجدنا ان ابسط المعلومات الشيعية لا تتوفر عند هؤلاء المساكين الذين يتحوّلون بايمانهم بهذه الحركات الى شرسين خطرين يدعون لقتل اعدائهم المفترضين ويمارسون العنف اذا اقتضت الضرورة وقد قاموا باغتيالات حسب تقدير المشغّلين لهم- لكل من يشكل خطرا على دعوتهم بشكل سري مهما استطاعوا كما اغتالوا اثنين من أبناء النسابة البصري الذي كذب أساس دعوة اليماني النسبية ونسبه للإمام المهدي كذبا. ولهذا فان على المثقفين الشيعة والدارسين تكريس الابحاث لتبيان ابسط الامور لهؤلاء الذين يداخلون المعاني ويجهلون ابسط مرتكزات فكر اهل البيت . وذلك على اقل تقدير لايجاد حصانة عند المستبصرين او الشيعة الجهلاء في القرى او الاماكن النائية .
وفي هذا الموضوع اردت ان افتح موضوع طرق واساليب الاقناع التي تستخدم عند هؤلاء . وقبل كل شيء احاول ان ابدأ من مسلسل تلفزيوني عمله بعض ابنائنا المغشوشين – هداهم الله- من أهل مسقط ، وهو عمل فني بسيط وساذج ولكنه يدلل على الشحن بالجرآة والمجاهرة بالأخطاء على انها عين الصواب . ولهذا قررت ان نبدأ من هذا المسلسل في رمضان ولحد اليوم نزلت اربعة حلقات سنحاول جميعا ان نحلل ما ورد فيها من مشاكل فقهية وعقائدية وسلوكية ، انها في الحقيقة فضيحة لا نتمناها لأبنائنا خصوصا المسقطية اللذين هم في الغالب من المثقفين المؤمنين والثابتين على الايمان رغم الضغوط عليهم سواء ممن الحياة الغربية ومباهجها او من المجتمعات المجاورة لأن اللواتية المسقطية لهم علاقات عالمية تجعلهم في مصاف المجتمعات الراقية التي يصعب على الداخل فيها السيطرة على دينه وقد اثبت الللواتية المسقطية التمسك بالدين بشكل جيد الى فترة قريبة جدا . وهذا المسلسل يدل على بدء انتشار الأمية العلمية والعمى الفكري وانعدام البصيرة حيث عدم التمييز . اسم المسلسل : مسلسل فجر الظهور .الممثلون : وقد قام به شباب معدود على الأصابع ممن ضلل بهذه الحركة ، والممثلون والمعدون والمنتجون هم بطريقة بسيطة وابداعية حيث تم استخدام التكنولوجيا البسيطة المتوفرة هذه الايام في كل بيت للتعبير عن عقيدتهم وخروجهم عن الاسلام بالكلية باستخدام الاساليب الفنية ، وهم يعتقدون انهم دخلوا من جديد في الاسلام. وكان الشباب رجالا ونساء اغلهم اقارب ومن قبيلة واحدة بل اسر متقاربة . وهذا مما يزيد الالم حيث يدل على ان هذا المنهج المغالط دخل الى بيوتنا واسرنا العزيزة . اسال الله ان يهدي شبابنا - وخصوصا هؤلاء- الى الخير فان من يتابعهم يعرف بانهم قوم مؤمنون دخلتهم الشبهات وصدقوا بالاكاذيب . الحقيقة فلأن هؤلاء شباب ابرياء ولطفاء اعلنوا عن انحرافهم بنفس طيبة وبطريقة محببة وفنية ، فهم يستحقون منا العناية والرعاية ، ويستحقون منا ان نبين كل المخالفات التي مرت عليهم وهم لا يدركون انها خطيرة.الروابط للمسلسل :فجر الظهور الجزء 1 http://www.youtube.com/watch?v=GlvcVmd8u9g

فجر الظهور الجزء 2http://www.youtube.com/watch?v=_-y8c8lmoRQ

فجر الظهور الجزء 3http://www.youtube.com/watch?v=s2qatIpMKA8

فجر الظهور الجزء 4http://www.youtube.com/watch?v=ETb3dmTgy-w


وهذه دعوة للجميع في تحليل ونقد المضمون العقدي لهذا المسلسل .سوف ابدأ ببعض الملاحظات الأولية على الحلقة الأولى :قبل أي تعليق أحب ان انبه الى خطأ في السيناريو يدل على عدم الدقة في العمل ، وهو انه في الجزء الثاني تصرح الفتيات بانهن من المجتمع السني بينما كل افعالهن يدل على انهم من المجتمع الشيعي وسيأتي بيان ذلك في نقد الحلقة الاولى . (طبعا ليس للعمل الفني علاقة بدين الممثل كما هو معلوم ، والا فانهم شيعة معروفون بالأسماء والأسر ) . ليس لي علاقة بالمقدمة وبالأسماء (خصوصا اسم المستبصر خليفة احمد الذي نشر الحركة بين شباننا ) ولا بالانشودة الضعيفة فنيا ومعنويا والتي بنفسها تعبر عن الانحراف عن التشيع وأسسه بل الزيغ عن الهداية والدخول في العمى ، فكل ذلك خارج اختصاصي واتركه لغيري ممن له قدرة فنية وعلمية على نقدها شعرا وصوتا وطريقة . التمثيلية :يبدأ شاب بترديد رواية اليماني وان رايته راية هدى فيتحسر على عدم معرفة هذا الأمر فيدعو الله لان يبصره في نفسه ويسال نفسه لماذا لا يبحث عن هذا اليماني عسى ان يجده . ثم يفتح جهاز الكومبيوتر على صفحة انصار احمد الحسن الذي هو احمد بن اسماعيل بن صالح بن حسين بن سلمان بن داوود بن هنبوش بن محمد بن روضان بن عطا الله بن ابو السود من عشيرة آل سويلم المضرية، الزبيري المولد أي في البصرة الفيحاء ، والممثل ينطق برابط موقعهم في النت . اقول: لا شك عندنا اننا نؤمن بان اليماني رايته راية هدى وينبغي استجابة المؤمنين العاديين له في اليمن وفي الحجاز حينما يمر عليها حيث فهم من كلام الامام الصادق حين سئل عن طالب الحق الذي خرج من اليمن هل هو اليماني فقال: لا اليماني يتوالى عليا وهذا يبرأ منه. فهو عليه السلام لم ينف عنه الخروج من اليمن حيث تبادر لذهن السائل حيث ظهر الظاهر من اليمن انه هو اليماني وانما نفى عنه صفة اليماني لانه لم يوالي عليا . بل اصرح من ذلك رواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام (وخروج اليماني من اليمن) وكذا صحيحة الفضل بن شاذان بسنده الصحيح عن زرارة عن الامام قوله عليه السلام (وخروج اليماني من اليمن مع الرايات البيض في يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة) كما في مختصر اثبات الرجعة ، فتكون رحلته من اليمن الى مكة الى الكوفة كما يفهم من مجمل الاحاديث التوصيفية لحركة وهي احاديث احاد في الغالب , فعلى الساكنين في هذا الخط ان يتبعوا رايته لنصرة الامام وفي الروايات انها راية تخرج في سنة واحدة مع السفياني والخراساني . ولم يقع هذا لحد الان. اما ان يفكر هذا الشاب في المسلسل بصورة فورية لمعرفة اليماني الذي ادعى السفارة اولا ثم ادعى انه هو الامام ثم ادعى انه امام بعد الامام وهو مهدي جديد ويريد ان يعلّم الشيعة ان المهديين هم غير الائمة نتيجة رواية فيها شبهات لفظية شاذة ، وما شابه ذلك من تطور في دعواته سنتكلم عنها ، والتي خلاصتها هي المباينة لمذهب التشيع كليا والخروج عنه الى مذهب بل دين اخر . فهذا تطبيق تبرعي لا يبالي به شيعي اطلاقا وهو مخالف لكل مرتكزات التشيع ، وان هذا الجاهل البصري يريد ان يثبت جهل كل علماء الشيعة لانه يفسر النصوص ويزور الاحاديث على هواه وان علماء الشيعة وائمتهم لم يلتفتوا لعلمه الوقاد والعياذ بالله وتفسيراته للنصوص واقتباساته الانتقائية المغالطة التي لم يلتفت لها كل علماء الشيعة ولا ائمتهم عليهم السلام . فاذن المسلسل ابتدأ بخطأ منهجي في البحث فانه استخدم المصادرة الممنوعة عقلا ودينا أي انه قام بمحاولة تفسير النصوص وانطباقها على هذا البصري من باب انه المصداق التام للنصوص وكانت هذه عنده قبل التساؤل وقبل التثبت بالطريقة البسيطة التي لا يقول بها عالم. ثم ان الشاب فكر بعد قراءة نص من الموقع تفكيرا سريعا واهتدى الى طريقة معرفة الله العلمية وهي ( الاستخارة ) التي هي احد اهم ادلة صاحب هذه الدعوى ، بدون فهم او علم او حجة . فكيف يركن الشيعي الباحث عن برائة الذمة الى دليل الاستخارة قبل كل دليل . طبعا صاحبنا توضأ واستخار ، وفي وضوءه مسح للرجل لم يرد عن أي فقيه سني او شيعي انما هو فهم العوام والجهلة من كلمة الكعب حيث يعتقدون بانه المفصل بين القدم والساق بينما هو المرتفع مقدم القدم ولهذا فقد مسح هذا الطالب للهدى مفصل القدم مع الساق على طريقة اتباع البصري قبل ان يستخير ويخرج له الهدى. فافهم حفظك الله وفي الاستخارة أيضا هناك مخالفة فانه ابتدأ بالصلاة على محمد وال محمد بصورة باطلة حيث اضاف لها مهديين افتراضيين ويريد بهم الدجالين وهذه صلاة باطلة لم يقل بها مسلم فضلا عن الشيعي ، فقد قال (اللهم صل على محمد وآل محمد (الائمة [و] المهديين) وسلم تسليما كثيرا) وهذه صلاة انصار اليماني المزعوم فهو صلاها قبل ان يتأكد من استخارته الباطلة اساسا والمحرمة للكذب على الله في هذه التمثيلية فهو يماني في وضوءه الباطل عند السنة والشيعة وفي صلاته غير الاسلامية اصلا والتي سنبين فيما بعد انها عين الشرك بالله . وهل المصادرة الا ان تكون النتيجة قبل المقدمات. فافهم يرحمك الله.ثم مسك القرآن بطريقة عامية لا يعرف طريقة الاستخارة عند المؤمنين ولا اداب مسك كتاب الله للاستخارة ، ففتح الكتاب واستخرج اية من ذيل اية الكرسي في سورة البقرة بطريقة الاخراج التلفزيوني وليس بطريقة الواقع . وهنا اقول بان هذا العمل كذب على الله ، فليسمح لي اتباع البصري ان استخرج بنفس طريقتهم كل الايات التي تدل على الضلال وعلى انهم بهائم وحمير . فاذا كانت هذه الطريقة طريقة هداية فالهدى يقتضي انتقاء كل الايات بطريقة الاخراج التلفزيوني ولا يزعلوا من ذلك لان هذه قاعدتهم ترد عليهم . العياذ بالله من هذا السلوك المنحرف . انه ادعاء على الله بانه يهدي الى الضلال بهذه الطريقة . ثم من قال ان تفسير هذه الاية حسن في اتباع دعوة هذا الرجل ؟ فان الاية تقول (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ويعني ان الله يخرج المؤمن به من ظلماتهم الى نوره بينما المشركون الكافرون الذين بدلوا الصلاة على محمد وآل محمد بشركاء في التشريع فشاركوا الله في امره هم اولياء الطاغوت فهؤلاء يخرجهم الدجالون من نور التشيع لمحمد وآل محمد الى ظلمات الشيطان المحسّن للشرك حتى يفسد عليهم حياتهم الدنيوية والاخروية . فالاستخارة كانت نهي مطلق عن اتباع هؤلاء وهي صريحة في بطلان دعوة هذا الدجال المنافق ولي الطاغوت ، ولكن لان الفتى جاهل اعتقدها استخارة جيدة داعية الى دخول الضلال باريحية وهي استخارة عنده تحب العجلة للدعوة ، بينما اهل المعرفة عندهم هذه الاية تدل على التوقف والتثبت وهي تابعة لمتعلقها في السؤال فاذا كان عن مشكوك الولاية والهداية فهي دالة على ضلاله . فان قال قائل من الممثلين باننا قصدنا بان من يريد هذه الدعوة ندعوه للاستخارة وستخرج له هذه الايات وامثالها ولا نقصد انه وقع فعلا ذلك (وهو امر مشهور عن اصحاب البصري الذي يخرج قبل خروج القائم صلوات الله عليه) . فنقول بان اصل الاستخارة في اختيار الديانة او تعيين الحجة باطل وغير صحيح ومن شاء ان يناقشنا فليتفضل حتى نكشف عورته وجهله وكذبه. وعلى ذكر الاستخارة والمنام والمعجزات المزعومة التي كانت هي الاصل في الدليل على صحة دعوة هذا الرجل وقد أضيف لها بعد ذلك حديث الوصية الذي هو ضدهم وهو في الامام وليس في من قبله . المهم على ذكر هذا الموضوع حدث معي حادث طريف ، كنت سنة 2007 جالسا عند صديق فقال لي ان هاهنا رجل يكلمني بامر لا افهم ما يريد ولكنني اظن ان كلامه باطل واريد منك ان تراه ، فقلت له اتني به ، وفي ثاني يوم جاء الرجل مع صاحبي فطرح علي معجزات المدعو اليماني وافكاره من خوارق للعادات والاحلام والاستخارة التي تأتي نفسها مكررة عشرات المرات عند الشخص الواحد ونفسها عند اشخاص متعددين وما شابه ذلك ، وحين انتهى وانا انصت اليه قلت له اسالك سؤالا دقيقا . وهو هل درست السحر وعرفت اسراره ، فقال لا لا اعرف هذا الشيء اصلا فقلت له جوابك تعرفه حينما تدرس السحر ومدارسه وطرقه وتاثيراته وقوته وضعفه والحقيقي فيه والفرق بينه وبين الخدع الكثيرة والتسليط وما شابه ذلك. فقال انا لا اظن انه من السحر فقلت له لانك لم تدرس فلا تظن ولو اطلعت على الحقيقة لتيقنت . فقال زين اقنعني ان المنام الذي رأيته من السحر ، فقلت له هذه الدعوة استهدافية فيها مسحة شيطانية ، فان ما رايته في المنام يسمى في السحر بـ (الهاتف) ، وما حدث من الاستخارة المتكررة هو (التسخير) لكل من يريد ان يسأل عن اليماني فان الشياطين مسخرة لهذا الامر. ولهذا فانها مأمورة من الشيطان الاكبر باخراج ايات محددة بطريقة السيطرة على يد المستخير غير المتحصن من الشياطين ، واما المعاجز فاغلبها عبارة عن تلبيس على العين وتسخير وتسليط . وكل لفظ من مطلحاتهم له طرق لتحقيقه ، واهمها العمل السيء النجس والعياذ بالله . وعرّفته ببعض كتب السحر ودراساته العربية والهندية وغيرها المتوفرة في الأسواق . وهنا قال لي يجب ان اذهب الان وغدا لابد ان نلتقي لنكمل الحديث فذهب ولم يعد الى هذا اليوم. فاذن الاستخارة التي يقول بها مدعي اليمانية اكثر اعجازا من استخارة هذا الشاب المسكين الممثل في هذا المسلسل . ومن الملاحظ ان المصور كان حريصا على ان لا يظهر التربة المخصصة للصلاة عند الشيعة ، ولكن حين وضع سجادته على الارض وضرب الارض صدر صوت وقعة التربة واضحا الا انها قد ازيلت كما يبدو بعد وضع السجادة وهذا للتدليل على سنية الشاب كما تريد المسلسلة ولكن هل الاستخارة بالقرآن من طرق اهل السنة ؟ وهل الاهتمام بالظهور واليماني من اهتمامات شباب اهل السنة ؟ انها ركة في العرض واضحة. وبعد هذا المشهد المركزي تبدأ الحوارات بين الرجال والنساء وبين الشباب نساء مع نساء ورجال مع رجال بامور عادية فيها هموم وتساؤلات ، وفي الجزء الثاني يتبين ان لها علاقة وتتمة بالحديث عن اليماني الذي خرج وهو المعصوم الذي خرج الينا الان والناس لا تدري . وهذا ما سيتبين . ارجو من الجميع مشاهدة هذه الحلقات والتعليق والمناقشة وان لا يضطروني للتعليق اليومي على الحلقات فهي مستمرة في العرض يوميا . وارجو المشاركة اكثر من الاخوة المستبصرين لان هذه امانة في اعناقهم حتى لا يضل هذا الطريق اخوتهم ممن يبتدئ في الاستبصار فتداهمه هذه المجموعات الممولة من الامارات بالملايين والقادرة على الوصول الى اقصى القرى والنواحي في البلاد بحثا عن أي مستبصر لاضلاله وتدمير حياته وفقده طريق الهداية وارجاعه الى اتباع الشيطان الرجيم بصورة اكثر خطورة من السابق . وارجو الانتباه الى ان بعض رجال الدين اصبحت مهمتهم التشكيك في التشيع واذا قيل لهم دافعوا عن مذهبكم اداروا رؤوسهم وذهبوا غير مبالين . والواقع يطلب منا الوقفة التي تثبت اننا اهل عقيدة ونستحق احترام الذات . وقد قيل لنا ان بعض العوام يبررون تصرف الشبان بالدخول لهذه المجاميع المشبوهة بانهم لم يسمعوا من رجال الدين ما يكفي لنقد هذه الحركات وهذا غير صحيح على الاجمال وصحيح من جهة ان الكثير من الاخوة لا يريد ان يفرغ نفسه للدعوة لتصحيح الافكار وعملية التصحيح عنده تعني التشكيك في احكام التشيع والبحث في الفراغ في النص والابتعاد عن الاحتياط من اجل ارضاء ذوي الشهوات حتى يقتنعوا بتمويلهم . سنأتي الى الحلقة الثانية .

المصدر:
http://hajrcom.com/hajrvb/showthread.php?t=403030066

الجمعة، 18 أبريل 2014

السيد ضياء الخباز: الدعوى المهدوية ودعاوى ابن كاطع

 (وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).
ان هذا المدعي استدل بأدلة واهية على دعوته المزعومة ألا وهي دليل الرؤى والمنامات، ودليل الاستخارة، وأنّ كلا الدليلين لا ينهض لاثبات منصب كمنصب الإمامة.
إنّ ابن كاطع استدل لاثبات دعوته هذه المرة بدليل آخر وهو إقامة المعجزة، وإنّه غير ناهض أيضاً ولا يقوم دليلاً لاثبات هذه الدعوى الباطلة وذلك من خلال المحاور التالية.
١. المعجزة من سنخ الادلة البرهانية.
٢. شرط الاعجاز أنْ يكون خارقاً للعادة.
٣. عدم القدرة على الإتيان بمثله، أي من قبل غير المدعي.
٤. إمكان دعوى صاحب المعجز عقلاً وشرعاً.
٥. أنْ يكون صدور الفعل الخارق في وقت التحدي.
٦. ما صدر من الفعل الخارق قبل الدعوى لا يقال له معجز.
٧. تطابق الفعل الخارق للعادة مع دعوى صاحبه.
١. المعجزة من سنخ الأدلة البرهانية:
الأدلة اقناعية وبرهانية، وان المعجزة من سنخ الادلة البرهانية، وليست من سنخ الادلة الاقناعية بمعنى ان المعجزة تكون دليلاً معتمداً على مقدمات عقلية مسلّمة الثبوت عند من يريد أنْ يستدل بدليل المعجزة. فكيف تكون المعجزة دليلاً برهانياً؟
ومن قبيل الأدلة البرهانية هو جواب الإمام علي عليه السلام عندما سأله سائل: هل يستطيع ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة؟
أجاب عليه السلام فقال: (ربنا لا يوصف بالعجز ولكن الذي سألت عنه لا يكون).
وفي نفس المسألة أجاب الإمام الصادق عليه السلام، فقال: (...ألك حواس؟ قال بلى، قال عليه السلام ما أصغرها؟ قال: النظر، قال عليه السلام كم مقدارها؟ قال بمقدار العدسة أو أقل من ذلك. قال عليه السلام ... فانظر فوقك وأمامك ماذا ترى؟ قال: أرى سماءً وأرضاً وبيوتاً وقصوراً ورمالاً. قال عليه السلام إنّ الذي قدر أن يدخل الجبال والسماء والأرض والقصور والبيوت في هذه العدسة لهو قادر أن يدخل الدنيا في بيضة...
نجد جواب أمير المؤمنين عليه السلام هو من سنخ الأدلة البرهانية، بينما أن جواب الإمام الصادق عليه السلام هو من قبيل الأدلة الاقناعية.
إنّ الله تعالى عندما أرسل الأنبياء وبعث الرسل ونصب الأئمة، له غرض من ذلك لأنّ افعال الله معللة بالأغراض ولايمكن ان يتهم الباري بالعبث. فالهدف من بعث كل هؤلاء هو أنْ يكونوا مبشرين ومنذرين، وقد أرسلوا من أجل هداية الناس فالناس يأخذون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما تثبت نبوته عندهم، ويأخذون من الرسول عندما تثبت رسالته، فكيف يثبتها إذن. ذلك من خلال المعجزة التي تظهر على يده، فلمّا يظهر المعجزة يثبت بذلك نبوته وانّه متصل بالسماء. فلو أظهر الله تعالى المعجزة على يد الكاذب وسمح بظهور المعجز على يد المدعي للنبوة، وإن كان كاذباً، كذلك مدّعي الإمامة لكان ناقضاً لفرضه عزوجل لأنّه لم يبق ما يميز به بين النبي ومدعي النبوة، وبالتالي لا يتحقق الغرض الإلهي، ويكون إرسال الأنبياء عبثا.
فمن اجل أنْ يحافظ الباري على غرضه ولا تتهم ساحته بالعبث يجب أن يحصر المعجزة بالصادق حتى ينسدّ باب الادعياء ويتميز الرسول عن غيره، كذلك ويميز الإمام.
إذن هناك مقدمات عقلية موجودة، فعندما تظهر المعجزة من شخص، فإنّ هذه المعجزة هي دليل ارتباطه بالله. فالمعجزة لو ظهرت من الكاذب لأوجبت عدم تمييز الرسل من غيره، وعدم التمييز يوجب نقص الغرض، ونقص الغرض لايمكن أنْ يتحقق من الله، إذن فالمعجزة لا تصدر إلاّ من الصادق، ومتى ما صدرت تثبت اتصاله بالله، فالمعجزة دليل برهاني وليست دليلاً إقناعياً.
٢. شرط الإعجاز أنْ يكون خارقاً للعادة:
كما أنّه ولأجل أن يكون الفعل خارقاً للعادة، أي إعجازاً فلابد من توفر شروط ستة، أولها هو أن يكون خارقاً للعادة.
فعلماء الكلام يقولون إنّ اوّل شرط لتحقيق الإعجاز هو أنْ يكون الفعل خارقاً للعادة. أي عدم القدرة على الإتيان بمثله، ومن هنا يمكننا أن نميّز بين السحر والمعجزة، نعم إنّ السحر خارق للعادة ولكن يمكن الإتيان بمثله.
فكيف آمن السحرة بالنبي موسى عليه السلام مع أنّهم كانت عندهم أفعال خارقة للعادة، وكانوا هم اساتذة في مهنهم، ولكن لما ظهر الفعل الخارق للعادة من موسى عليه السلام وعلموا أنهم لا يمكن الإتيان بمثله علموا أنها معجزة لا يمكن أن يهدى بها إلاّ من اتّصل بالسماء، لذا آمنوا برب موسى عليه السلام.
٣. عدم القدرة على الإتيان بمثله:
المحالات على قسمين، عادية وعقلية، فالعقلية أمور مستحيلة بحكم العقل، مثل اجتماع النقيضين كأن يكون الشخص إنساناً ولا إنسان في الوقت نفسه.
والمحالات العادية، هي التي لا يمنع العقل من تحققها، ولكن العادة تمنع من ذلك، فكأن يعرج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس، ومنها إلى السماوات ثم يرجع في نفس الليلة، فهذا بحكم العقل غير ممتنع لكن العادة تمنعه.
٤. امكان دعوى صاحب المعجز عقلاً وشرعاً:
وهو الشرط الثاني، والذي إذا تحقق في الفعل فإنّه يكون إعجازاً، أي أنّ الذي يدّعي أنّه صاحب منصب إلهي، رسالة أو إمامة ثم يأتي بفعل خارق _أي المعجزة_ نقول له إنّ هذا ممتنع في الشرع وذلك لقيام الأدلة القطعية على أنّ النبوات قد ختمت بخاتم الرسل صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كانت الدعوى ممتنعة عقلاً أو شرعاً، فالفعل الصادر من صاحبها لا يعبر عنه بالمعجزة وإنّما يعبر عنه بالفعل الغريب.
٥. صدور الفعل الخارق في وقت التحدي:
وهو الشرط الثالث، فكلّما صدر المعجز من صاحب الدعوى في وقت التحدي فهو معجزة، وأمّا ما صدر منه في غير هذا الوقت بحسب الإصطلاح الكلامي فلا يعبر عنه بالمعجزة وإنّما يعبر عنه بالكرامة أي بحسب الدقة العلمية لا يعبر عما يصدر في غير وقت التحدي بالمعجزة.
٦. ما صدر قبل زمن الدعوى لا يقال له معجز:
إنّ تصدع ايوان كسرى عند ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانشقاق جدار الكعبة قبل ولادة الإمام علي عليه السلام. لاتعتبر معاجز وإن كانت خارقة للعادة، ولكنها تقدّمت زمن الدعوى، لذا تسمى هنا ارهاصات أو علامات.
٧. تطابق الفعل الخارق للعادة مع دعوى صاحبه:
ثمّة أمر آخر أو شرط آخر لقبول الفعل الخارق للعادة لمن ادعى، وهو أنْ يكون هذا الفعل مطابقاً لدعوى صاحبه، ومثال ذلك ما إذا ادعى شخص أنه يمكن أن يفعل فعلاً خارقاً للعادة، وذلك كما ادعى مسيلمة الكذاب بأنه يستطيع أن يبصق في بئر فيفور ماؤها.
ونقول هنا إن هذه الفعل ليس بمعجزة ولكنه لو قال إن هذه البئر التي نقص ماؤها أنا أقدر بمجرد أن أبصق فيها يرجع ماؤها، فهذا متطابق.
إنّ ما يدعيه ابن كاطع لنفسه ويروّج له ادعياؤه واتباعه وهو أنه يعرف قبر الزهراء عليها السلام.
فإن نقول له لنطبق ما جئت به على معايير المعجزة ولنر هل انّ ما تقوله معجزة أوّلاً.؟
ولكن قبل كلّ ذلك وحتى لو جئت بشيء غيبي فما يدرينا أنك صادق في إخبارك هذا فبإمكان أي شخص أن يقول أنني أعرف ذلك وإنّ ادعاءك لا هو بفعل خارق للعادة، من جهة، ولا هو أمر لا يمكن الإتيان بمثله.
كذلك نقول إن (معجزتك) هذه على فرض صحتها فهي ليست بصحيحة ولا تفيد شياً لانّها ممتنعة شرعاً.
إنّ ما ادعيته يا ابن كاطع من انك ابن الإمام وصاحب الأمر وبأنك اليماني، دعوى باطلة فقد قام الدليل على امتناع الذرية والولد.
ونحن نقول لهذا المدعي ان كنت صادقاً في دعواك أن تقوم بمعجزة حقيقية كالمعاجز التي قام بها الأئمة، فشق القمر إلى نصفين، أو يكفينا في ذلك رد الشمس بعد مغيبها، أسمعنا أصواتاً من بين السماء والأرض، يسمعها جميع أهل الدنيا في وقت واحد، تقول إنك حجة الله، فإن لم تستطع فنقول لك:
إنّ الإمامة التي لا دليل عليها ساقطة لاقيمة لها ومزيّف من إدّعاها.
 
المصدر:

الجمعة، 4 أبريل 2014

أخطاء ابن كويطع بحق الأنبياء عليهم السلام - للشيخ علي آل محسن حفظه الله تعالى

إنّا لو نظرنا إلىٰ كتب أحمد إسماعيل كاطع المنسوبة إليه وبياناته وتسجيلاته فإنَّنا نجد فيها كثيراً من الأخطاء الفاضحة التي لا يقع فيها صغار طلبة العلم فضلاً عن إمام معصوم كما يدَّعيها لنفسه، وحيث إنَّ المقام طويل فإنّي سأقتصـر علىٰ ذكر بعض الأمثلة، وهي عدَّة أنواع:
فإنَّ كتب أحمد إسماعيل اشتملت علىٰ طعون متعدِّدة في مقامات بعض الأنبياء عليهم السلام. 
منها: أنَّه زعم في كتابه (المتشابهات) أنَّ نبيّ الله إبراهيم عليه السلام كان يعتقد بأرباب غير الله تعالىٰ، فقال:
(فإبراهيم عليه السلام لـمَّا كُشِفَ له ملكوت السماوات، ورأىٰ نور القائم عليه السلام قال: «هذا ربّي»، فلمَّا رأىٰ نور علي عليه السلام قال: «هذا ربّي»، فلمَّا رأىٰ نور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم قال: «هذا ربّي»، ولم يستطع إبراهيم عليه السلام تمييز أنَّهم عباد إلَّا بعد أن كُشِفَ له عن حقائقهم، وتبيَّن أُفولهم وغيبتهم عن الذات الإلهية، وعودتهم إلىٰ الأنا في آنات، وعندها فقط توجَّه إلىٰ الذي فطر السماوات، وعلم أنَّهم عليهم السلام (صنائع الله، والخلق بعد صنائع لهم) كما ورد في الحديث عنهم عليهم السلام)(2).
ولا يخفىٰ أنَّ نبيّ الله إبراهيم عليه السلام أَجَلُّ وأعرف بالله تعالىٰ من أن يقع في هذه الوقعة العظيمة، فيعتقد أنَّ له أرباباً من دون الله تعالىٰ ولو في بعض الآنات؛ إذ كيف يرىٰ نوراً في السماء فيعتقد أنَّه ربّه، ثمّ يرىٰ نوراً آخر، فينصـرف عن اعتقاده الأوّل، ويعتقد أنَّ هذا النور الثاني هو ربّه، ثمّ يرىٰ نوراً ثالثاً، فيعتقد أنَّ هذا النور هو ربّه!؟
مع أنَّ كلام أحمد إسماعيل خلاف ظاهر الآيات الشـريفة، فإنَّ الله تعالىٰ قال: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) (الأنعام: 76)، (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي) (الأنعام: 77)، (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) (الأنعام: 78)، فإنَّه سبحانه وتعالىٰ ذكر أنَّ إبراهيم عليه السلام رأىٰ كوكباً، ثمّ رأىٰ القمر، ثمّ رأىٰ الشمس، وأمَّا أحمد إسماعيل فإنَّه ذكر أنَّه إنَّما رأىٰ أنواراً، ولم يرَ كوكباً أو القمر والشمس.
مع أنَّ إبراهيم عليه السلام لم يخبر بأنَّه يعتقد أنَّ هذه المخلوقات أرباباً له، وإنَّما قال: هذا ربّي؟ علىٰ نحو الإنكار والاستخبار، كأنَّه قال: أهذا ربّي؟ منكراً أن يكون هذا ربَّه، ومستخبراً، أي سائلاً لمن يسمعه، فكأنَّه سأله قائلاً: هل تقول: إنَّ هذا ربّي؟
وقوله تعالىٰ: (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) (الأنعام: 83) فيه دلالة واضحة علىٰ أنَّ ما قاله إبراهيم عليه السلام إنَّما كان في مقام الاحتجاج علىٰ قومه، وأمَّا علىٰ تفسير أحمد إسماعيل فالأمر ليس كذلك.
وفي الروايات ما يدلُّ علىٰ ما قلناه، فقد روىٰ الشيخ الصدوق قدس سره بسنده عن علي بن محمّد بن الجهم، قال: حضـرتُ مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسىٰ عليهما السلام، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: الأنبياء معصومون؟ قال: «بلىٰ»...
إلىٰ أن قال: فقال المأمون: أشهد أنَّك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حقَّاً، فأخبرني عن قول الله عز وجل في حقّ إبراهيم عليه السلام: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي)، فقال الرضا عليه السلام: «إنَّ إبراهيم عليه السلام وقع إلىٰ ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزُّهرة، وصنف يعبد القمر، وصنف يعبد الشمس، وذلك حين خرج من السَّـرَب(3) الذي أُخفي فيه (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ)، فرأىٰ الزهرة قال: (هذا رَبِّي) علىٰ الإنكار والاستخبار، (فَلَمَّا أَفَلَ) الكوكب (قالَ لا أُحِبُّ الْأَفِلِينَ)؛ لأنَّ الأُفول من صفات المحدَث لا من صفات القِدَم، (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي) علىٰ الإنكار والاستخبار، (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ)، يقول: لو لم يهدني ربّي لكنت من القوم الضالّين، (فَلَمَّا) أصبح و(رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) من الزهرة والقمر علىٰ الإنكار والاستخبار لا علىٰ الإخبار والإقرار، (فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ) للأصناف الثلاثة من عَبَدَة الزهرة والقمر والشمس: (يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْـرِكُونَ 78 إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْـرِكِينَ 79)، وإنَّما أراد إبراهيم عليه السلام بما قال أن يبيِّن لهم بطلان دينهم، ويثبت عندهم أنَّ العبادة لا تحقُّ لما كان بصفة الزهرة والقمر والشمس، وإنَّما تحقُّ العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض، وكان ما احتجَّ به علىٰ قومه ممَّا ألهمه الله تعالىٰ وآتاه كما قال الله عز وجل: (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ)»، فقال المأمون: لله درّك يا ابن رسول الله(4).
كما أنَّ أحمد إسماعيل زعم أنَّ نبيّ الله يوسف عليه السلام أشرك، فإنَّه قال:
(وأوحىٰ الله ليوسف: إنَّ هذا السجين سينجو، وسيكون قريباً من الملك (برؤيا السجين)، وأوحىٰ الله ليوسف عليه السلام: إنَّ هذا الملك سيُخرجه من السجن، وإنَّ هذا السجين سيكون سبب خروجه من السجن، ولهذا قال له يوسف عليه السلام: (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ)، أراد بهذا أن يبيِّن لهذا السجين علمه بالغيب، عندما سيضطرّ في المستقبل إلىٰ ذكره عند الملك، كما أراد لفت انتباه السجين إلىٰ حاله، وليذكره في المستقبل عند الملك، إذ رأىٰ الرؤيا التي ستكون سبباً في خروج يوسف عليه السلام من السجن. وهنا التفت يوسف عليه السلام إلىٰ الأسباب، ومع أنَّه لم يغفل عن مسبِّب الأسباب كما توهَّم بعضهم أنَّه طلب معونة السجين والملك، وغفل عن الله سبحانه، ولكن مع هذا فإنَّ يوسف عليه السلام أشرك عندما جعل للأسباب قيمةً ووزناً في ميزانه، وهو عليه السلام الذي لمس آيات الله ومعجزاته التي نجا بها فيما مضـىٰ من حياته، وهذا الشـرك الخفي ذُكِرَ في آخر سورة يوسف: (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْـرِكُونَ))(5).
وزعم أحمد إسماعيل كذلك أنَّ موسىٰ كان عنده أيضاً شرك الأنا.
قال في كتابه (رحلة موسىٰ إلىٰ مجمع البحرين):
(إذن، جاء موسىٰ عليه السلام للقاء العبد الصالح؛ لأنَّه ظنَّ أنَّه قد حارب نفسه، وقتل الأنا في داخله، فكان المطلوب منه أن يصبر ويحارب نفسه وهو يرافق العبد الصالح، ولا يقول للعبد الصالح: (لو فعلتَ هذا، ولو لم تفعل هذا)، فهو عندما يواجه من هو أعلىٰ منه مقاماً بهذه الأقوال يظهر بجلاء ووضوح الأنا التي في داخله مقابل من هو مأمور باتّباعه والانصياح لأمره. والحقيقة أنَّ الأمر يعود إلىٰ مواجهة موسىٰ عليه السلام مع الله سبحانه وتعالىٰ، فهو في كلّ مرَّة يقول: (أنا) مقابل العبد الصالح يعني أنَّه قال: (أنا) مقابل الله سبحانه وتعالىٰ، وهذا هو الامتحان بالتوحيد الذي فشل فيه كثير من السائرين إلىٰ الله، أي إنَّهم يستهينون ربَّما بقولهم: (أنا) مقابل خليفة الله أو مقابل أقواله عندما يقترحون بآرائهم مقابل أمر خلفاء الله _ في حين أنَّها (أنا) مقابل الله سبحانه وتعالىٰ في حقيقتها وواقعها _ وفي حين أنَّهم جاؤوا للامتحان بهذا، فهم يفشلون ودون حتَّىٰ أن يلتفتوا إلىٰ فشلهم)(6).
بل إنَّه نفىٰ العصمة عن موسىٰ عليه السلام في بعض مراتبها، فقال:
(موسىٰ عليه السلام نبي مرسل من الله معصوم منصوص العصمة، ومع هذا يأمره الله سبحانه أن يتَّبع العبد الصالح ولا يخالفه، وهو نفسه قد تعهَّد بعدم المخالفة (قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِـي لَكَ أَمْراً)، ولكنَّه أخلف وعده، وخالف العبد الصالح، ولو كانت المخالفة واحدة وفي مرَّة واحدة لهانت، ولكنَّه خالف في كلّ الامتحانات والاختبارات، فهي كانت ثلاثة، وخالف في ثلاثتها، يعني موسى عليه السلام هنا قد خالف أمر الله، وإذا لم تشأ قَوْل: (إنَّه خالف أمراً مباشراً)، فليكن أنَّه خالف تعهّده، وهذا أكيد ينقض العصمة هنا وفي هذا الموقف)(7).
وفي جواب لأحمد إسماعيل يشير إشارة واضحة إلىٰ أنَّه أفضل من نبيّ الله موسىٰ من بعض الجهات، فقد ورد له سؤال نصّه:
(ما المواصفات التي أهَّلتك لهذه المهمّة، أو لنقل: ماهية المواصفات التي ميَّزتك عن باقي أبناء الشيعة لكي يختارك مهديّهم لسفارته؟).
فأجاب أحمد إسماعيل بقوله:
(عندما كلَّم الله موسىٰ عليه السلام قال له: (إذا جئتَ للمناجاة فاصحب معك من تكون خيراً منه). فجعل موسىٰ عليه السلام لا يعترض أحداً إلَّا وهو لا يجترئ أن يقول: (إنّي خير منه)، فنزل عن الناس، وشرع في أصناف الحيوانات، حتَّىٰ مرَّ بكلب أجرب، فقال: أصحبُ هذا. فجعل في عنقه حبلاً، ثمّ مرَّ به، فلمَّا كان في بعض الطريق نظر موسىٰ عليه السلام إلىٰ الكلب، وقال له: لا أعلم بأيّ لسانٍ تسبِّح الله، فكيف أكون خيراً منك؟ ثمّ إنَّ موسىٰ عليه السلام أطلق الكلب، وذهب إلىٰ المناجاة، فقال الربّ: يا موسىٰ أين ما أمرتك به؟ فقال موسىٰ عليه السلام: يا ربّ لم أجده. فقال الربّ: يا ابن عمران، لولا أنَّك أطلقت الكلب لمحوتُ اسمك من ديوان النبوَّة).
وعقَّب أحمد إسماعيل علىٰ ذلك بقوله:
(وأنا العبد الحقير لا يخطر في بالي أنّي خير من كلب أجرب، بل أراني ذنْباً عظيماً يقف بين يدي ربّ رؤوف رحيم)(8).
وفي كلامه إشارة واضحة إلىٰ أنَّه إنَّما صار مؤهَّلاً للسفارة لأنَّه خير من موسىٰ بن عمران عليه السلام من جهة إنكاره لذاته.

======
المصدر:
http://www.m-mahdi.net/book/105/001.htm#002

الأحد، 7 أبريل 2013

مركز الدراسات التخصصية للإمام المهدي : عدم حجية تلقي غير المعصوم عن المعصوم عليه السلام

بعد أن ثبت انقطاع النيابة الخاصة بالأدلة القطعية, بل ان انقطاع النيابة الخاصة والسفارة صار من ضروريات مذهب أهل البيت عليهم السلام, يتضح بطلان ما قد يتوهمه جملة من دعوات المتوهمين وبعض الادعاءات والتخيلات من أنه نائب خاص للامام أو سفير له أو يتوهم ويتخيل ذلك لغيره من المدعين ونحو ذلك من الرؤى في المنام أو مشاهدة بعض الأفعال الخارقة بدعوى أنها معاجز, أو أي دعوى للارتباط والاتصال بالغيب, فهي باطلة بمقتضى الأدلة التي قامت على ذلك في محلها اذ أن تحكيم الحجة الأضعف في مرتبة الأقوى هو ظنٌ وزيغ وتحكيمٌ للمتشابه على المحكم واليقيني, فانّقطاع السفارة ثبت بالأدلة القطعية بل صار من الضروري, فلا يعارض ذلك توهمات المتوهمين بوجود بعض الأدلة على نيابة أو سفارة أي كان, فإنّ المشاهدات وبعض الأفعال الغريبة لا تداني الأدلة القطعية وأنها أدلة في مرتبة دانية وضعيفة بالنسبة لأدلة انقطاع السفارة.
وهو نظير ما مرَّ من تفنيد القرآن وذمه النصارى واليهود لاستنادهم إلى الحس لحكمهم بقتل وصلب النبي عيسى عليه السلام إذ بينا أن وجه الحكم بالبطلان وذم القرآن لهم مع أن الحس دليل يقيني, هو أن الحس دليل يقيني في نفسه أو بالقياس لما دونه أما بالقياس لما هو أعلى منه كاخبارات النبي الاعجازية, فيكون ظناً وتحكيماً للمتشابه على المحكم, فإنّ كشف الدليل الأقوى أثبت وأبين من الدليل الاضعف, فبالتالي ما يترآى من الدليل الأضعف يكون وهماً وظناً وليس بيقين وتشابه وشبهة وهو اصطلاح قرآني خاص كما بيّنا.
لذا فإنّ تلك الأدلة القطعية واليقينية لانقطاع السفارة لا تضاهيها ولا تناهضها أدلة المُدعين بل لا يوجد أي احتمال لصحة أدلة المُدعين.
فمن الغريب أن بعض الباحثين بدعوى البحث الموضوعي يقول لابد من الفحص في أدلة المدعين للنيابة الخاصة أو السفارة والتثبت من صدقها أو كذبها, وهذا الكلام وإن كان منطقياً بشكل عام كميزان وضابطة في التثبت والبحث لكنه ليس بصحيح وليس بمنطقي إذا كانت تلك الأدلة المُدّعاة في قبال أدلة يقينية عالية, فليس من الصحيح ولا من المنطقي أساساً البحث في أدلة مُدّعي النيابة الخاصة بعدما ثبت انقطاعها بالأدلة اليقينية العالية.
فمثلاً بعد أن ثبتت عقيدة التوحيد بالأدلة اليقينية العالية فلو ادعى مدعي أن هناك إلهاً آخر وذكر بعض الأدلة فهل من المنطقي البحث والتثبت من تلك الأدلة بدعوى احتمال تماميتها وصدقها؟!!!
بل إن من يتوهم ذلك هو مريض أو متمارض في الادراك فلا ريب ولا شك في عدم موضوعية هكذا بحث, وأن من يحتمل صحة البحث فيه فليس بسليم العقل إذ أن التردد والريب في هكذا اعتقادات ثبتت بالأدلة القطعية اليقينية كما قال تعالى: ((إِنَّما يَسْتَإذنكَ الَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ في‏ رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ))(1) فإنّ التردد في الريب والاسترابة حالة مرضية في الادراك والعقل فليس من المعقول الاعتداد بالسفاسف والتفاهات واعتبارها أدلة في مواجهة أدلة يقينية قوية شديدة.
فمن التوصيات المنطقية ما جاء في وصية أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة (إذا استيقنت فامض على يقينك)(2), وهكذا الكثير من الروايات التي دعت إلى الاعتماد والاعتداد باليقين والسير عليه حتى لو كان في قباله شك أو ريب إذ ما دام الانسان استثبت من اليقين ومن مناشئه فعليه السير دون الاعتداد بالتشكيك, فمن تلك الروايات (لا تنقض اليقين بالشك)(3) نعم قبل الاستثبات من اليقين فإنّ البحث والفحص منطقي ومعقول جداً لئلا يبقى متردداً في البيان والبرهان فيكون كمن يعشو في سيره, لذا لابد من الالتفات إلى جميع الاحتمالات لاثبات الصحيح والمنطقي فيها ليصل للبرهان اليقيني ويتثبت فيه ليسير عليه, أما إذا استيقن الانسان فلابد من المضي على ذلك اليقين وعدم نقضه بشكٍ فقوله (لا تنقض اليقين بالشك)(4) يعني الشك الذي ليس له منشأ علمي يناهض ويقاوم اليقين ولايساعد على رفع اليد عن الأدلة السابقة اليقينية, وإلا فإنّ رفع اليد عن اليقين والبحث في أدلةٍ ضعيفة وهمية ليس حالة فحص علمي سليم سديد, بل مرض في العقل والادراك فهو لا يبصر البراهين اليقينية بما أعطاه الله من قدرة الادراك وفطرة الركون لليقين, فهو كمن لا يستنير ولا يستصبح بالنور, بل دوماً يسير في جانب الظلمة تاركاً النور فهي حالة مرضية لعدم استثماره البصر وعدم استعانته بالنور.
فمع وجود الأدلة اليقينية على انقطاع النيابة الخاصة والسفارة في عقيدة الغيبة لا معنى للريب والشك ولا معنى لاحتمال صحة التوهمات والهلوسات كأدلة للمدعين بها.
كما أنّا لو تنزلنا ونظرنا في مناشيء تلك المُدعيات كالرؤية أو الأفعال الغريبة ووو... نجد أنها في نفسها ليست بحجة فضلاً عن مناهضتها للأدلة اليقينية.
وبعبارة أخرى لنا معالجتان لهذه الدعاوى:
الاولى: أنها لو كانت حجة فهي أضعف من أن تناهض البراهين اليقينية المثبتة لانقطاع السفارة.
والمعالجة الثانية: أن تلك الأدلة في نفسها ليست بحجة لأن مناشيء تلك المدعيات من قبيل الرؤية والعلم اللدني والاطلاع على الغيب من قناةٍ ما لا يكون ذلك صحيحاً وتاماً ومُعتبراً إلا للأنبياء والأوصياء, فإنّ الوحي عبارة عن قناة روحية تربط وتوصل وتنفتح على الغيب, واما العلم اللُدني فلا يكون إلا عند الأنبياء والأوصياء, أما بقية البشر من غير المعصومين فليس لهم طريق مضمون للغيب يرتبطون وينفتحون ويتصلون به عليه, فقد ذكر القرآن أن سبب انكار الامم هو أن كل رجلٍ منهم يريد أن تتنزل عليه صحف مُنشّرة, وبالتالي فكلٌ منهم يريد أن يكون نبياً ليكون منفتحاً على الغيب فيطمئن به, قال تعالى: ((بَلْ يُريدُ كُلُّ امرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً))(5).
ولكن واقع الحال عدم وجود القابلية لأي شخصٍ أن يكون نبياً أو إماماً أو لديه ارتباط بالغيب, فإنّ ذلك تابع لمدى القوة الروحية والاستعداد الروحي للانكشاف على الغيب, فإنّ أرواحنا لا شك ولا ريب متصلة بعوالم أخرى ولنا قنوات توصلنا إلى الغيب ولا شك في ذلك, ولكن الكلام كل الكلام في أنا كيف نطمئن على أن هذا الاتصال والارتباط بتلك العوالم وما تصلنا من معلومات من ذلك الغيب كيف نطمئن على صحتها؟ وأنها عن إرادة الله وقضاءه وقدره ومشيئته؟.
فإنّ كل ما نستلمه من خواطر وإلهامات وتخيلات وصور منامية أو صور في اليقظة ومكاشفات وسلوكيات وغيرها ليس لها أي ضمانة في الصواب والسداد, وليس لها أي مدار في الحجية, أي لا اطمئنان على صحتها, لأنها تلقي غير المعصوم من قبل المعصوم, فإنّ التلقي والارتباط بالغيب ليس فيه زللٌ ولا خللٌ ولا خطل ولا أي احتمال الانحراف إذا كان تلقي معصوم من معصوم, فحينئذٍ يكون التلقي معصوماً, كما هو الحال في تلقي المعصومين عليهم السلام لذا كان تلقيهم حجة, واعتبر هو منبع الشريعة الوحيد .
أما تلقي غير المعصوم فهو وإن كان من المعصوم لكن ما الدليل على أن ذلك المُلقى صحيحاً وليس من أفاعيل الشياطين؟!.
فإنّ الشياطين تنفث في النفوس ويتخيل أن ذلك من الله تعالى ولا قدرة لتمييز ذلك إلا للأنفس الطاهرة المطهرة, فإنّ غير المعصوم من سائر الناس ليس له حظ من الرؤيا الالهية ونحوها للاحكام الشرعية وإن توهم ذلك متوهم فليستيقن بأن ذلك من الشياطين فقد أشار القران الكريم إلى عدة من أفعال الشياطين التي تقع على العباد منها:
قال تعالى: ((وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطينِ))(6).
وقال تعالى: )) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى‏ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطينُ .تَنَزَّلُ عَلى‏ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثيمٍ))(7).
وقال تعالى: ((كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ))(8).
وقال تعالى: ((وَ اما يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَميعٌ عَليمٌ))(9).
وقال تعالى: ((إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ))(10).
وقالى تعالى: ((الَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطينَ عَلَى الْكافِرينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا))(11).
وقال تعالى: ((لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذينَ في‏ قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمينَ لَفي‏ شِقاقٍ بَعيدٍ))(12).
وقال تعالى: ((وَ إِنَّ الشَّياطينَ لَيُوحُونَ إِلى‏ أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ))(13).
وغيرها من الآيات التي تبين أن الشياطين يوحون وبطرق مختلفة كالخواطر والميول والرؤى و.... للنفوس المريضة والضعيفة والتي على طريق الزيغ, وعن الباقر عليه السلام قال: (لما ترون من بعثه الله عز وجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأرواحهم أكثر مما ترون مع خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب للملائكة قيل: يا أبا جعفر وكيف يكون شيء أكثر من الملائكة؟ قال: كما يشاء الله عز وجل, قال السائل: يا أبا جعفر إني لو حدثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه, قال: كيف ينكرونه؟ قال: يقولون إن الملائكة أكثر من الشياطين, قال: صدقت, افهم عنّي ما أقول لك, إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة, وتزور أئمة الهدى عددهم من الملائكة, حتى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الامر قيض الله عز وجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول رأيت كذا وكذا, فلو سئل ولي الامر عن ذلك لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيراً ويعلمه الضلالة التي هو عليها)(14).
فبعد كل ذلك, أي مجال يبقى للاطمئنان لرؤى ومكاشفات غير المعصوم الذي لا يميز نفث الشياطين من عالم الغيب الحق.
لذلك فإنّ مكاشفة المكاشفين والعرفاء والصوفية من إلهامات وخواطر ليست ذا مدار وضابطة في الحجية فإنّ كثيراً من أصحاب السير والسلوك والتصوف والرياضات يقعون في إنحرافات وأخطاء نتيجة تعويلهم على ما يتلقونه من خواطر والهامات ومكاشفات, فإنّ نفس الصوفية والعرفاء ذكروا ذلك مثلاً القيصري في شرح كتاب ابن عربي وكذلك الغزالي وابن عربي نفسه وغيرهم ذكروا بأن مكاشفات غير المعصوم ليست بمعصومة, فلابد أن توزن وتعرض على محك كشف المعصوم وهو القرآن والسنة(15) لأن القرآن والسنة هو تلقي المعصوم عن الله تعالى وعن الغيب, ولا ريب ولا شك في عصمة هذا التلقي والمتلقى, لأن قدرة المعصوم معصومة وغير محدودة في تلقيها عن الغيب كما يصف القرآن الكريم ذلك, قال تعالى: ((وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاَّ في‏ كِتابٍ مُبينٍ))(16) بيان لأحاطة المعصوم.
وبعبارة أخرى بمثال حسّي إن درجة استقبال وتلقي المعصوم كالرادار في الكشف وغير المعصوم كالمايكروفونات البسيطة, فللمعصوم روح واسعة محيطة فيها استعداد الكشف والابصار القلبي لكل زوايا العرش والكرسي والسماوات وجهنم والصراط والميزان والبرزخ والموت وتطاير الكتب والحور والملائكة, فإنّ أرواح المعصومين ليس كأرواحنا إذ لها قدرة الاطلاع على عوالم أخرى دون أن تضعف أو تتردد, كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: (لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)(17) أي انه مطلع على تلك العوالم غير عالم الدنيا فلا يؤثر على اعتقاده وروحه إذا كشف له الغطاء, وليس كبقية البشر الذين لم يطلعوا على شيء من تلك العوالم, وأن الله لم يطلعهم على شيء منها لضعف نفوسهم وأرواحهم.
وفي رواية أخرى أن شخصاً كان يسير مع الإمام الصادق عليه السلام فمروا بمقبرة بين مكة والمدينة فسأل الشخص الإمام عليه السلام عن حالهم فقال الصادق عليه السلام: (عن عبد الله بن بكير الأرجاني، قال: صحبت أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكة من المدينة، فنزلنا منزلاً يقال له: عسفان، ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق موحش، فقلت له: يا ابن رسول الله, ما أوحش هذا الجبل ما رأيت في الطريق مثل هذا، فقال لي: يا بن بكير أتدري أي جبل هذا، قلت: لا، قال: هذا جبل يقال له الكمد، وهو على واد من أودية جهنم، وفيه قتلة أبي الحسين عليه السلام، أستودعهم فيه، تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم، وما يخرج من جب الجوى، إلى ان يقول:...
قلت له: جعلت فداك فأنت تسمع ذا كله ولا تفزع، قال: يا بن بكير إن قلوبنا غير قلوب الناس، إنا مطيعون مصفون مصطفون، نرى ما لا يرى الناس ونسمع ما لا يسمعون، وإن الملائكة تنزل علينا في رحالنا وتتقلب في فرشنا، وتشهد طعامنا، وتحضر موتانا، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، وتصلي معنا وتدعو لنا، وتلقي علينا أجنحتها، وتتقلب على أجنحتها صبياننا، وتمنع الدواب أن تصل إلينا، وتأتينا مما في الأرضين من كل نبات في زمانه، وتسقينا من ماء كل أرض نجد ذلك في آنيتنا.
وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلا وهي نبهنا لها، وما من ليلة تأتي علينا إلا وأخبار كل أرض عندنا وما يحدث فيها، وأخبار الجن وأخبار أهل الهوى من الملائكة، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلا أتانا خبره، وكيف سيرته في الذين قبله، وما من أرض من ستة أرضين إلى السابعة إلا ونحن نؤتي بخبرهم)(18) يعني نحن غير المعصومين لو سمعنا ذلك لصعقنا ولما بقيت أرواحنا في أجسامنا, أي متنا لعدم إمكان تحمل ذلك أما المعصومون عليهم السلام فلهم القدرة على أن يروا تلك العوالم.
وإن قابليات غير المعصومين الروحية أيضاً تختلف في قوتها واستعدادها للاطلاع على العوالم الأخرى والأسرار كما في الفرق بين سلمان وأبي ذر حيث ورد (لو علم أبو ذر بما في قلب سلمان لكفره أو لقتله)(19) أي ان أبا ذر لا يتحمل ما يتحمله سلمان من علوم وأسرار, وهكذا فإنّ أعلى حالات النفوس القوية موجودة عند المعصوين عليهم السلام فلهم عدسة قوية دقيقة لا يخفى عليها شيء, في حين أن القرآن يصف الشياطين أو الجن بقوله تعالى: ((لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى‏ وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ*دُحُوراً وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ *إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ))(20) فللشياطين والعفاريت قوة كشف أيضاً ولكنها لا تُقاس بقوة كشف المعصوم إنما هي حاصلة من خطفة بسيطة أي قبسة فإنّ غير المعصوم حتى لو كانت عنده خواطر وتمثلات وانكشافات ويرى ما لا يراه الناس, فما الكاشف له أن تلك الرؤى والخواطر والغيبيات أنها من الله تعالى أم من الشياطين والعفاريت؟, فإنّ بعض الرؤى والانكشافات قد تصدق لأنه هناك خطفة من الغيب ولكن الخطفة شيء والوحي النبوي شيء آخر, فكثير من عموم الناس وآحادهم إما يغتر أو يُغرر به أنه انكشف له شيء وعلم أموراً غريبة فيرى أن تلك الانكشافات انكشافاتٌ بوحيٍ أو علم لدني أو أو ...الخ, لكنه لا يُميّز أن الموصل اليه هل هو الشيطان أم جبرائيل أم أسرافيل أم ميكائيل...؟ لأن روحه ليس فيها استعداد التلقي, فإنّ نفوس غير المعصوم لم تطلع على تلك العلوم والمباحث, فبمجرد اتصاله بقناةٍ غيبية يرتبك وتضطرب عنده الموازين, فلعله نتيجة ذلك تكون لديه شريعة جديدة وعقيدة جديدة وبعثة جديدة.
فإنّ التعامل مع الانكشاف الغيبي مختلف حتى بالنسبة للمعصومين بحسب مراتبهم وقوة وشدة استعدادهم للتعامل مع تلك الغيبيات ودقة موازينهم في التثبت والتعامل مع ما يلقى اليهم, فإنّ الدنيا بأكملها بما لها من جمال تمثّلت لعلي بن أبي طالب عليه السلام وأنه قال لها (اليك عني قد طلقتك ثلاثاً)(21) فإنّه سلام الله عليه التفت اليها وحدّثها فرفضها وطلقها أي لم يغتر بها مطلقاً, ولكن الدنيا عندما تمثلت للرسول صلى الله عليه وآله فإنّ للرسول صلى الله عليه وآله مشهد أعظم من مشهد علي بن أبي طالب, فإنّه لما نادته لم يخاطبها أصلاً ولم يلتفت اليها كما في روايات المعراج.
فإنّ نفوس المعصومين على عظمتها وقوتها لهم مواقف مختلفة في التعامل مع الغيبيات, فرغم علمهم بالغيب فإنّ تعاملهم معه يختلف بحسب اختلاف أرواحهم ونفوسهم, فإنّ أرواحهم لما لها من الاستعداد فإنّها ترقى وتعرج إلى عوالم أخرى غيبية مهولة دون أي ارتباك ولا أي اضطراب لأنها نفوسٌ عظيمة معدّة للوحي والنبوة والانكشاف على الغيب, أما غير المعصوم من نفوس البشر الأخرى فبمجرد اختلاف المشاهد تضطرب عنده الموازين فقد لا يحتاج غير المعصوم لانزلاقه أكثر من إثارة بسيطة وجمالٍ خداع ولو كان زائفاً, إذ لا يستطيع التثبت أمام هذه الاثارات البسيطة, فما بالك لو تمثلت له الدنيا بجمالها وقالت له: أنا الدنيا فهل يبقى على تثبته وتمييزه ويقول اليها اليك عني أم ماذا؟!!!
فإنّ غير المعصوم لعدم استعداده وعدم قوة نفسه بل لضعف نفوس غير المعصومين فبمجرد اختلاف المشاهد يحصل الهلع والجزع والفزع والرعب والاضطراب, ففي تلك الحالة إذا ألقي له شيء من الغيب هل له أن يميّزه أنه من الله أم من الشيطان؟, فإنّه قد تظافرت الروايات في أن الرؤى سواء كانت رؤى في المنام أم في اليقظة أم غيرها منها ما هو حديث الشيطان وإفكه وتنزيله, ومنها ما هو حديث النفس ومنها ما يكون رؤى صادقة سواء كانت في اليقظة ام في المنام.
أما ما هو حديث الشيطان فإنّ الشيطان يلقي لأوليائه الافك والاثم قال تعالى: ((وَ إِنَّ الشَّياطينَ لَيُوحُونَ إِلى‏ أَوْلِيائِهِمْ))(22) وقال تعالى: ((هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى‏ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطينُ *تَنَزَّلُ عَلى‏ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثيمٍ))(23) فإنّ الشياطين يلقون لاوليائهم الافك والاثم.
وأما حديث النفس فإنّ النفس بما أودعت من قوى وغرائز فهي كأنما ذوات متعددة وليست ذات واحدة, فالنفس البشرية بسبب ما جهزت به من غرائز وقوى فكأنما كل قوة هي ذات من الذوات و جوهر من الجواهر وهذه النفس إذا طاشت أو جمحت تسول للانسان من تساويل ورؤى حتى في اليقظة, والانسان لخلوه من قدرة التمييز يحسب ذلك من الغيب وكشف الستور في حين أنها من الاعيب النفس الأنسانية.
وأما الرؤى الصادقة فهي وإن كانت ممكنة وقد تحصل سواء في المنام أم في اليقظة لكنها إضاءة ضيقة جزئية محدودة لا يمكن التعويل عليها, لان الصدق له مراتب, فصدق المعصوم كالمحيطات أما غير المعصوم فضعيف يتبدد بأدنى شيء, لذا ورد في القرآن الكريم ((وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلاً))(24) فأصدقية الله تعالى لا تضاهيها أي مصداقية لانه يحيط بكل الواقعيات وكل المخلوقات, أما نحن فاحاطتنا صغيرة إذ نحن لا نحيط حتى بكيفية ولادتنا ونشأتنا وإنا من أين جئنا والى أين نتجه حتى لو كنا صادقين وعدولاً, فأحاطتنا ضعيفة قليلة فكيف ندعي علمنا بالاطلاع على ذلك؟
أما إحاطة المعصوم فواسعة فإنّهم هم الصديقون بعد الله تعالى بل ان الائمة عليهم السلام هم كبراء الصديقين, كما في بعض الزيارات(25) يعني يحيطون بالكتاب المبين واللوح المحفوظ والقرآن نفسه شهد لهم بالطهارة ثم شهد لهم بانهم هم الذين يدركون ويفهمون القرآن قال تعالى: ((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَريمٌ *في‏ كِتابٍ مَكْنُونٍ *لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ))(26) ثم قال تعالى: ((إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً))(27).
لذا فلا اعتداد ولا اعتبار بتلقي غير المعصوم وليس له أي مدار في الحجية لعدم الاطمئنان بكونه تلقياً صادقاً اذ هم أنفسهم يخطيء بعضهم بعضاً, فكم من الصوفية والعرفاء وحتى أصحاب السير والسلوك وحتى أصحاب الرياضات نجد بينهم تضارباً لا ينتهي ولا يرتفع فكل منهم يخطيء الآخر لانهم غير معصومين.
وبمثال حسي لتضارب الأقوال عن الغيب كما يقال إن أشخاصاً وجدوا فيلاً في ظلام فاعتمدوا على اللمس في تشخيصه فلمس أحدهم ذنبه فقال إنه مخلوق صغير, ولمس بعضهم خرطومه فقال إنه متوسط, وآخر لمس رجله فقال إنه مخلوق كبير, ولمس الآخر بطنه فقال إنه عظيم بل إنه سينفجر.....
وما ذلك إلا لعدم الاطلاع والكشف التام وإنما اعتمد كل منهم على ما انكشف له واطلع عليه من طريق ضيق وحكم بموجبه حكماً عاماً.
فهكذا غير المعصوم وأصحاب النفوس الضيقة و... فإنّهم إن حصل لهم كشف للغيب فهو كشف ناقص لا يصلح ليكون حكماً صادقاً حقاً يعتمد عليه ويطمئن له.
أما المعصوم فله الاحاطة التامة والانكشاف التام, فمثلاً كأنه يرى ذلك المخلوق بتمامه, يرى ذلك المخلوق فيحكم بأنه فيل على ما هو في الحقيقة لأنه مطلع على تمام حجمه لأنه يراه ببصيرته بل يكون له نور يكشف له فيرى ببصره لان كشف ورؤية المعصوم فيها إحاطة قال تعالى: ((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَريمٌ*في‏ كِتابٍ مَكْنُونٍ *لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ))(28) و ((وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلاَّ في‏ كِتابٍ مُبينٍ))(29) و ((وَ ما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ))(30).
لا مثل غيره يعيش في ظلمة وكدورات النفس ويريد الاطلاع وإيجاد قناة غيبية.
ومن العجيب أن غير المعصوم يدعي التلقي والكشف ويحاول اتباع ما تلقاه مع علمه بضعف نفسه وعدم استعدادها ويترك تلقي المعصوم فأي قناعة له أو لمن يتبعه بترك تلقي المعصوم واتباع ما عنده من هلوسات أو خواطر أو رؤى منامية لا اطمئنان بصحتها فعندنا القرآن والسنة التي هي كشف حقاني لأنها وصلت الينا بتلقي المعصوم عن المعصوم فلا حاجة حينئذٍ للاعتماد على تلقي غير المعصوم وإن توهم وارتسم له أنه عن المعصوم فإنّ المشكلة في المتلقى (الرادار أو اللاقطة أو الساحب) فهل لديه نفس قوية ترى الملقى اليه على ما هو عليه ام نفسه ضعيفة لا استعداد لها فتقلبه وتزيفه لذلك تكرر في القرآن قوله تعالى: ((وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَ نَذيراً))(31) أي ما أنزل من الغيب وكشف هو في نفسه حقٌ وجاء ونزل في طريقٍ حقاني غير مشوب بعبث الشياطين وكدورات النفوس الضعيفة وضيق وتلوث أوعية الاستقبال, فهو نظير المرآة فهناك نوع منها سليمة صحيحة غير مشوبة تعكس الصور على ما هي عليها كنفوس المعصومين مثلاً, في حين هناك نوع آخر من المرايا مشوب وليس منتظماً فتعكس الصور بشكل مقلوب أو تضخمها وتكبرها أو تضعفها وتصغرها أو تعطيها ألواناً أخرى بل أحياناً بعض الصور تمسخ عن حقيقتها أصلاً فتري صورة الانسان كأنه جني وقد تظهر القبيح جميلاً, كما قد تظهر الجميل قبيحاً.
فهكذا نفوس البشر قد ترى الغيب كهذه المرآة فإنّ الغيب واحدٌ بالنسبة للمعصوم ولغير المعصوم, ولكن الكلام في المستقبل إذ لا ضمان لأن تكون تلك النفوس ترى الغيب على ما هي عليه, هذا لو كان الملقى صادقاً فتكون المشكلة في المتلقي, أما إذا كان التلقي من إيحاء الشياطين فكما أن أولياء الله تتنزل عليهم أنوار آلهية فإنّ أولياء الشياطين تتنزل عليهم الآثام والافك, فإنّ الاثم في نفسه كذبٌ فأولياء الشياطين يحسبون ما القي لهم ملائكة ورسل غيب من الله في حين أنها شياطين, إذ ليس له قدرة التمييز والتفريق بين إيحاءات الشياطين وبين الأنوار الالهية.
لذلك فإنّ علماء الرؤية يقولون كلما ازداد الانسان صدقاً في قوله وتعبيره وأمانته ووفائه وسلوكه وتعاملاته وتوجهاته لله وقربه للحق والحقيقة فإنّه يرى الرؤى الصادقة, وكلما زل لسانه وارتكب المعاصي وابتعد من طريق الحق والحقيقة وابتعد عن الله رأى اموراً خاطئة وباطلة, أما المعصوم فحيث إنه لا يرتكب أي معصية وأي ذنب فإنّه لا يرى إلا الرؤى الصادقة, لذا تكون مرآته صافية جلية ويرى الأمور على ما هي عليه, من هنا كانت رؤى الأنبياء رؤى صادقة وحيانية كقوله تعالى: ((وَ نادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ))(32) بالنسبة لرؤية النبي إبراهيم عليه السلام وكقوله تعالى: ((وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتي‏ أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ))(33) بالنسبة للنبي محمد صلى الله عليه وآله.
وعليه فإنّ رؤيا الأنبياء والأوصياء حجة لأنهم بلغوا من الصدق مقاماً عالياً جداً ولما لم يكن عندهم أي إثم ولا افك فلا تتنزل عليهم الشياطين ولا تكون قنوات كشفهم عن الغيب إلا قنوات سليمة صحيحة يرون من خلالها الحق فقط.
أما غير المعصوم فمهما يكن من الاستقامة لا يؤمن كشفه حتى العادل لا يمكن الاطمئنان لقناته الغيبية إذ العدالة غير العصمة فإنّ العدالة وإن كانت هي الاستقامة على جادة الشريعة وعدم ارتكاب المعاصي إلا أن ذلك لا يعني عدم ارتكاب المعاصي والأخطاء من دون شعور وبالتالي فإنّ ذلك يكدر نفسه وروحه من حيث لا يشعر حتى لو لم تسجل عليه عقوبة فإنّه يعذر عن العقوبة لعدم علمه أي لجهله بذلك الفعل انه يسبب غضب الله والكدورات النفسية ولكن ذلك لا يمنع من تكدر وتلوث النفس بتلك الأعمال وبالتالي لا تكون قناته للغيب سليمة صافية.
فلابد للانسان غير المعصوم أن لا يغتر ولا ينخدع ببعض الانكشافات والرؤى فيعتبرها غيباً ما بعده غيب ووحياً ليس فوقه وحي, وأنه صار نبياً أو نحو ذلك, ويتأول الضروريات والحقائق الدينية والتمرد عليها.
فقد يكون للانسان شيء من التقوى فيحسب أن تقواه وورعه سبب انكشاف الغيب له فيؤمن به ولكنه ليس صحيحاً فإنّ تلك لو كانت تقوى وورع لاتبع القرآن الكريم والسنة لانها تلقي معصوم عن معصوم, فهي كشف صادق وحق لا ريب فيه في حين أن ما تلقاه غير المعصوم هو تلقي لا يؤمن ان يكون من الشيطان أو الجن أو العفاريت... فلا ضمانة فيه.
فليس من العقل ولا من المنطق ترك ما هو برهاني ويقيني وهو كتاب الله الذي لا يغادر كبيرة ولا صغيرة واتباع مكاشفة أو رؤيا أو نحو ذلك يحتمل أنها صادقة.
فلا نمني أنفسنا بمقامات المعصومين من الأنبياء والأوصياء فتسول لنا أنفسنا أن تنفتح لنا قنوات الغيب ولا نتوهم ذلك لغير المعصومين عليهم السلام فاين نحن من سيد الأنبياء وأين نحن من سيد الأوصياء وأين نحن من الائمة المعصومين فإنّ الغيب شاسع مهول ودخوله والتوسط فيه ليس بالامر السهل, فلا يمكن لغير المصطفين الأخيار الذين اصطفاهم الله تعالى بعلمه ليكونوا هم القنوات السليمة والحقانية لارتباط جميع المخلوقات بالواحد الأحد الله سبحانه وتعالى وذلك لما لهم من قوة النفس والاستعداد الحاصل من طهارة النفس فهم سلام الله عليهم ليس كبقية البشر روحاً بل حتى جسداً فإنّ الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله عرج بجسده فضلاً عن روحه إلى سبع سموات فهو ليس بالانسان العادي حتى تسول نفوس البعض الانكشاف على الغيب لمجرد أنه اتقى أو عمل صالحاً أو .... فإنّ لكل ذلك أجراً عند الله وآثاراً حسنة على الروح, لكن ليس للحد الذي نغتر به وندعي الاتصال بالغيب لأنه حصلت لنا رؤيا أو مكاشف أو ... فإيانا إيانا أن نقع في حبائل الشيطان, ونغوي أنفسنا ونغوي الآخرين ونترك الثوابت والبراهين والضروريات مما حصل عن طريق معصوم وهو القرآن والسنة.
فالقرآن هو البرهان الواضح والمحجة البيضاء وقد أعجز البشر أربعة عشر قرناً بما ضمن من علوم معجزة ودلائل إعجازية متنوعة ومتكثرة فلا يعقل ولا من المنطقي ترك هذا الوحي وسنة المعصومين من الأنبياء والأوصياء وأتباع الهلوسة والمهلوسين والجن والمجننين والشيطان والمتشيطنين سواء كانت من رؤى أو مكاشفات, وتنويم مغناطيسي أو تحضير أرواح أو تحضير جن أو علوم غريبة كعلم الجفر أو علم الرمل أو علم التوسم أو علم الحروف أو علم الطلسمات أو علم العزائم أو علم البيوت أو علم التنجيم أو علم الكيمياء وغيرها من العلوم التي لا تكون كاملة وتامة الا عند المعصومين أما عند غيرهم فهي ناقصة منقوصة, فنحن لا ننفي هذه العلوم وقدرتها وإمكانها في إثبات الأشياء لكنها لا تعطي البرهان القاطع ولا تكشف كشفاً مفيداً للحجية.
نعم قد تكشف لصاحبها بعض الأشياء لكن يجب أن لا يغتر بذلك فليس هو الغيب ولا الواقع ولا هو كل العوالم فمثلاً فلان كتب بعض القضايا في الجفر أو علم الحروف أو... أو .... فعلم أن فلاناً سيموت أو سيولد له كذا أو غير ذلك, لكن ثم ماذا بعد ذلك هل صار بذلك نبياً, هل به علم طريق الجنة وطريق النار هل صار عنده علم الاولين والآخرين وهل... وهل... .
ماذا يعني هذا في قبال علم المعصومين بما كان وبما يكون وما لهم من الاحاطة بكل العوالم الغيبية وغيرها لكن للاسف بعض النفوس المريضة والضعيفة تنخدع وتغتر بذلك فيهتمون بمثل هذه السفاسف ويتركون ما هو خير لهم من ذلك فإنّ القرآن الكريم والروايات تؤكد أن الصلاة والصوم والحج وزيارة المعصومين عليهم السلام وغيرها من العبادات لها آثار أعظم مما يتخيل هذا البعض المنخدع بتلك التفاهات والسفاسف, فليس من العقل ترك تلك العبادات أو على الاقل عدم الاهتمام بها وإعطاء شيء من الاهتمام لمثل هذه العلوم الغريبة أو غيرهما بدعوى أنها تكشف لنا الواقع أو تعطينا طريقاً للواقع.

الهوامش:

(1) - الآية 45 من سورة التوبة.
(2) - في مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة الميرجهاني ج1 ص236 (من كان على يقين فاصابه ما يشك فليمض على يقينه فإنّ الشك لا يدفع اليقين ولا ينقضه).
(3) - الوسائل ج5 ص321, باب 10 من ابواب الخلل,ح3.
(4) - في وسائل الشيعة (آل البيت) للحر العاملي الجزء الاول ص247 ابواب نواقض الوضوء الباب الاول انه لا ينقض الوضوء الا اليقين (636)6_ وفي الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الاربعمائة _ قال: من كان على يقين فشك فليمض على يقينه, فإنّ الشك لا ينقض اليقين).
(5) - الآية 52 من سورة المدثر.
(6) - الاية 97 من سورة المؤمنون.
(7) - الاية 221و222 من سورة الشعراء.
(8) - الاية71 من سورة الانعام.
(9) - الاية 200 من سورة الاعراف.
(10) - الاية 201 من سورة الاعراف.
(11) - الآية 83 من سورة مريم.
(12) - الآية 53 من سورة الحج.
(13) - الآية 121 من سورة الانعام.
(14) - تفسير البرهان: ج4, ص485.
(15) - ذكر الشارح القيصري في شرحه على فصوص الحكم لابن العربي في الفصل السادس والسابع من الفصول التي ذكرها في المقدمة قال: وكما أن النوم ينقسم بأضغاث أحلام وغيرها كذلك ما يرى في اليقظة ينقسم إلى أمور حقيقة محضة واقعة في نفس الأمر وإلى أمور خيالية صرفة لا حقيقة لها شيطانية وقد يخلطها الشيطان بيسير من الأمور الحقيقة ليضل الرائي, لذلك يحتاج السالك إلى مرشد يرشده وينجّيه من المهالك والأول إما أن يتعلق بالحوادث أو لا.
فإن كان متعلقاً بها فعند وقوعها كما شاهدها أو على سبيل التعبير وعدم وقوعها حصل التمييز بينهما وبين الخيالية الصرفة وعبور الحقيقة عن صورتها الأصلية إنما هو للمناسبات التي بين الصور الظاهرة هي فيها وبين الحقيقة ولظهورها فيها أسباب كلها راجعة إلى أحوال الرائي وتفصيله يؤدي إلى التطويل.
وأما إذا لم يكن كذلك (أي الرؤيا غير الاخبارية بالمستقبليات) فللفرق بينها وبين الخيالية الصرفة موازين يعرفها أرباب الذوق والشهود بحسب مكاشفاتهم كما أن للحكماء ميزاناً يفرّق بين الصواب والخطأ وهو المنطق.
(منها): ما هو ميزان عام وهو القرآن والحديث المنبيء كل منهما على الكشف التام المحمدي صلى الله عليه وآله.
(ومنها): ما هو خاص وهو ما يتعلق بحال كل منهم القابض عليه من الإسم الحاكم والصفة العالية عليه.
أقول: فترى أن الميزان عندهم لكون ما يرد على القلب وما ينكشف له _سواء بالرؤية في المنام أو في اليقظة أو بغير الرؤية من الإلهام القلبي وغيره_ الميزان بين الحق والحقيقي منه وبين الباطل والشيطاني والخيالي الذي لا واقعية له هو القرآن الكريم والسنّة المطهرة.
وقد برهن الشارح القيصري على ذلك بحسب مصطلح علم العرفان بقوله في الفصل السابع.
ولما تكان كل من الكشف الصوري والمعنوي على حسب استعداد السالك ومناسبات روحه وتوجّه سرّه إلى كل من أنواع الكشف وكانت الاستعدادات متفاوتة والمناسبات متكثرة صارت مقامات الكشف متفاوتة بحيث لا يكاد ينضبط وأصح المكاشفات وأتمها إنما يحصل لمن يكون مزاجه الروحاني أقرب إلى الاعتدال التام كأرواح الأنبياء والكمل من الأولياء صلوات الله عليهم.
المقطع المتقدم منقول بتمامه من كتاب دعوى السفارة في الغيبة الكبرى للمصنف (حفظه الله تعالى) ص91.
(16) - الآية 59 من سورة الانعام.
(17) - في منتهى المطلب للعلامة الحلي الجزء الثالث وقال امير المؤمنين عليه السلام: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً, وكذلك في مناقب آل ابي طالب لابن شهر اشوب الجزء الاول ص317 وفي مستدرك سفينة البحار ص163 وغيرها.
(18) - كامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولويه - ص 539 - 542
(19) - في الكافي للشيخ الكليني الجزء الاول ص401 باب فيما جاء ان حديثهم صعب مستصعب الحديث الثاني عن علي بن الحسين عليهما السلام (والله لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهما فما ضنكم بسائر الخلق).
(20) - الآيات 8و9و10 من سورة الصافات.
(21) - في نهج البلاغة الجزء الرابع ص17 ومن كلام له في القدر قال عليه السلام: يا دنيا يا دنيا اليك عني أبي تعرضتي ام الي تشوقتي لا حان حينك هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها فعيشك قصير وخطرك يسير وامدك حقير آه من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظيم المورد).
(22) - الآية 121 من سورة الانعام.
(23) - الآيات 221 و222 من سورة الشعراء.
(24) - الآية 122 من سورة النساء.
(25) - اشارة إلى ما رواه الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ص742 في زيارة لامير المؤمنين عليه السلام جاء فيها السلام عليك ايها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعنه مسؤولون السلام عليك ايها الصديق الاكبر.
(26) - الآيات 77 و 78 و79 من سورة الواقعة.
(27) - الآية 33 من سورة الاحزاب.
(28) - الآيات 77و78و79 من سورة الواقعة.
(29) - الآية 75 من سورة النمل.
(30) - الآية 7 من سورة آل عمران.
(31) - الآية 105 من سورة الاسراء.
(32) - الآيات 104و105 من سورة الصافات.
(33) - الآية 60 من سورة الاسراء.

 المصدر : http://m-mahdi.info/alyamani/articles/0004.htm