السبت، 23 مارس 2013

رد الشيخ محمد سند حفظه الله حول رواية و فهمها المغلوط من بعض مدعي السفارة

أقول للأخوة الأفاضل ,
أن للرواية التي تعرض لها سماحة الشيخ محمد سند حفظه الله شروح و معاني مختلفة , لكنها كلها تصب في خطأ كون أن للمهدي عجل الله فرجه ابن يسلم له الراية . و قد يكون للعلماء فهم آخر للرواية قد تكون مختلفة , و سنستعرضها في وقت لاحق ..
 
يقول الشيخ محمد سند حفظه الله في كتابه "المهديون الإثني عشر" :
فقد روى الشيخ الطوسي في الغيبة، وكذا في مختصر بصائر الدرجات عن جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمّه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيّد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة، فأملى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيَّته حتَّى انتهى إلى هذا الموضع. فقال: يا علي إنَّه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً، ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أوَّل الاثني عشر إماماً، سمّاك الله تعالى في سمائه: علياً المرتضى، وأمير المؤمنين، والصدّيق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصحُّ هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيّي على أهل بيتي حيّهم وميّتهم، وعلى نسائي فمن ثبَّتها لقيتني غداً، ومن طلَّقتها فأنا بريء منها، لم ترَني ولم أرَها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمّتي من بعدي. فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البرّ الوصول. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيّد العابدين ذي الثفنات علي. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد الباقر. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد الثقة التقي. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد المستحفظ من آل محمّد عليهم السلام فذلك اثنا عشر إماماً. ثمّ يكون من بعده اثنا عشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوَّل المقرَّبين(1)، له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي، واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي وهو أوَّل المؤمنين)(2).

المغالطة في فهم الرواية:


توهّم: إنَّ هذه الرواية دالّة على أنَّ الإمام الثاني عشر يسلّم الوصيّة إلى ابنٍ له ثلاثة أسماء، فيكون قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الفقرة: (فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوَّل المهديين) بإرجاع الضمير في (إذا حضرته) إلى الإمام الثاني عشر، وكذلك ضمير (ابنه) إلى الإمام الثاني عشر عليه السلام، وأنَّ هذه الثلاثة أسماء هي أسماء لابن الإمام الثاني عشر.

دفع التوهّم:

1 _ وهذا الإرجاع للضمير إلى الإمام الثاني عشر خطأ فاحش في تركيب عبارات الجمل وسياقاتها، فإنَّ الصحيح أنَّ الضمير يرجع إلى الإمام الحادي عشر، الإمام الحسن العسكري عليه السلام، أي إذا حضرت الإمام العسكري عليه السلام الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الإمام الثاني عشر عليه السلام الذي له ثلاثة أسماء وهو الإمام الثاني عشر أوَّل المهديين، والإمام الثاني عشر له ثلاثة أسماء: اسم كاسم النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، والاسم الآخر عبد الله وأحمد، والثالث وهو اللقب المهدي، وهو الإمام الثاني عشر أوَّل المؤمنين، وفي بعض النسخ: (اسم كاسمي واسم أبيه وهو عبد الله)، وعلى هذه النسخة يكون اسم الإمام الحسن العسكري عليه السلام عبد الله، وسنبيّن وجه كون الإمام الثاني عشر أوَّل المهديين وأوَّل المؤمنين.

ومعنى وصف ومنصب عنوان المهدي لأئمّة الاثني عشر أهل البيت عليهم السلام كمقام خاصّ لمن يقيم دولة محمّد وآل محمّد في الإعلان الظاهر وبنحوٍ تبقى مستمرّة إلى يوم القيامة، كما أنَّ هناك مقام المنتصر أو المنصور للأئمّة الاثني عشر، كما اُشير إلى ذلك في زيارة عاشور الإمام المنصور والإمام المهدي عليه السلام، ولنذكر الشواهد على هذا التفسير:

الشاهد الأوَّل:


ما ورد في عدَّة روايات من الفريقين أنَّ الذي له أسماء ثلاثة هو نفس الإمام الثاني عشر عليه السلام:

1 _ فقد روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الفضل بن شاذان، عن إسماعيل بن عياش، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذكر المهدي فقال: (إنَّه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها)(3).

2 _ فقد روي أنَّه عليه السلام له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، حدَّثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه، قال: حدَّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدَّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدَّثنا إسماعيل بن مالك، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام وهو على المنبر: (يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان: شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، فأمَّا الذي يخفى فأحمد، وأمَّا الذي يعلن فمحمّد، إذا هزَّ رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، و وضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلاَّ صار قلبه أشدّ من زبر الحديد...)(4).

الشاهد الثاني:


أنَّ عنوان المهدي والمهديّون له تفسير مستفيض بل متواتر في روايات أهل البيت عليهم السلام هو كالأصل في معناه ويراد به الإمام من الأئمّة الاثني عشر عندما يقيم الدولة الظاهرة الممكّنة لدولة آل محمّد عليهم السلام، ومن المستفيض في رواياتهم عليهم السلام أنَّ الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام يرجعون كما هو مقتضى عقيدة الرجعة، ويقيمون دولة آل محمّد عليهم السلام واحداً بعد آخر، وهو مقتضى قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (القصص: 5).

وهذا الخطاب عامّ لكلّ الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام حتَّى أنَّ الإمام الثاني عشر أيضاً تكون له رجعة.

فالمراد بالمهديين الاثني عشر هم الأئمّة الاثني عشر أنفسهم، فلهم مقام المهدوية بعد تسنّمهم أصل مقام الإمامة من دون دولة ظاهرة معلنة، والحال ذلك حتَّى في الإمام الثاني عشر منذ الوصيّة والإمامة من أبيه الحسن العسكري عليه السلام إلى يوم ظهوره، حينئذٍ يتحقَّق له الوصف الفعلي لمقام المهدي، وإلى هذا المفاد يشير قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الرواية المزبورة: (فذلك اثنا عشر إماماً، ثمّ يكون من بعده اثنا عشر مهدياً)، أي بعد إمامة الإمام الثاني عشر وامتدادها في عصر الغيبة يتحقَّق بدؤ إقامة دولة محمّد وآل محمّد عليهم السلام، وأوَّل من يقيمها هو الإمام الثاني عشر، ومن ثَمَّ يكون الإمام الثاني عشر أوَّل المهديين بعد أن كان له أصل مقام الإمامة طيلة فترة الغيبة، وهو أوَّل المؤمنين أيضاً من الأئمّة الاثني عشر الذين وعدهم الله أن يستخلفهم في الأرض بدولة معلنة ويمكّن لهم إقامة الدين حيث يبدلهم بعد الخوف أمناً كما هو نصّ قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (النور: 55).

ويتَّضحُ هذا التفسير بشكل مفهم جلي من الروايات الواردة في بيان هذا المعنى لعنوان ووصف المهدي:

1 _ روى في تحف العقول وصيّة الصادق عليه السلام لمؤمن الطاق أبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول في وصيّة طويلة عليه السلام بمراعاة التقيّة والكتمان وعدم الإذاعة: (فلا تعجلوا فوَالله قد قرب هذا الأمر ثلاث مرَّات فأذعتموه، فأخَّره الله)(5).

ومراده عليه السلام من هذا الأمر أي قيام دولة آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم التي تبقى إلى يوم القيامة.

وروى الشيخ الطوسي في الغيبة بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قوله: (يا ثابت إنَّ الله تعالى كان وقَّت هذا الأمر في السبعين، فلمَّا قتل الحسين عليه السلام اشتدَّ غضب الله على أهل الأرض، فأخَّره إلى أربعين ومائة سنة، فحدَّثناكم فأذعتم الحديث، وكشفتم قناع السرّ، فأخَّره الله ولم يجعل له بعد ذلك عندنا وقتاً...)(6).

وروى في مختصر بصائر الدرجات بسند صحيح عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال: (إنَّ أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعدوا سنة السبعين فلمَّا قتل الحسين عليه السلام غضب الله عز وجل على أهل الأرض فأضعف عليهم العذاب، وإنَّ أمرنا كان قد دنى فأذعتموه فأخَّره الله عز وجل)(7).

وروى النعماني في الغيبة بسند موثَّق عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت له: ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويريح أبداننا؟ قال: (بلى، ولكنَّكم أذعتم فأخَّره الله)(8).

وروى النعماني أيضاً بسنده عن إسحاق بن عمّار الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (قد كان لهذا الأمر وقت وكان في سنة أربعين ومائة، فحدَّثتم به وأذعتموه فأخَّره الله عز وجل)(9).

وروى في الموثَّق عن إسحاق بن عمّار، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: (يا أبا إسحاق، إنَّ هذا الأمر قد اُخّر مرَّتين)(10).

وروى الشيخ الطوسي بسنده عن عثمان النوى، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (كان هذا الأمر فيَّ فأخَّره الله ويفعل بعد ذلك في ذرّيتي ما يشاء)(11).

والمراد من الأمر في هذه الروايات المستفيضة التي كان قد وقّت من قبل الله تعالى هو ظهور وقيام دولة آل محمّد، الدولة الموعود باستمرارها إلى يوم القيامة يتعاقب الأئمّة الاثنا عشر عليها، ويصطلح في روايات أهل البيت على الإمام الذي يتمّ على يديه بدء إنشاء إقامة هذه الدولة أنَّه المهدي من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى هذا تشير الرواية الأخيرة، وهذه الطائفة من الروايات أنَّ مقام المهدي من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم قد قدَّره الله عز وجل في السبعين أي إقامة هذه الدولة المستمرة على يد سيّد الشهداء، فلمَّا فرَّط المؤمنون والمسلمون في القيام بالمسؤولية وقتل الحسين عليه السلام اشتدَّ غضب الله على أهل الأرض فأخَّره الله من باب (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (الرعد: 39)، لأنَّه لم يكن ذلك التقدير تقدير جبر وإنَّما أمر بين أمرين لسُنّة الله المشار إليها في قوله تعالى: (لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11)، فقدَّر الله أن يكون مهدي آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم هو الإمام جعفر الصادق عليه السلام، فحصل التفريط مرَّة أخرى فقدَّره الله في الإمام موسى بن جعفر، فوقع التفريط ثالثة فأخَّره الله إلى ما يشاء، ومن ثَمَّ أشارت هذه الطائفة من الروايات أنَّ هذا الأمر قد وقَّته الله ثلاث مرَّات.

وهذا أي التغيير من باب (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) لا يتنافى مع علم الله الحتمي بمقادير الأمور وأقدارها وحتم إبرامها، ومن ثَمَّ لا تتنافى هذه الروايات مع الروايات الأخرى أنَّ مهدي آل محمّد هو الإمام الثاني عشر.

والحاصل أنَّ هذه الطائفة تعزّز أنَّ المهدوية مقام لأئمّة أهل البيت الاثني عشر هو بلحاظ قيامهم بالدولة المعلنة التي تستمرّ إلى يوم القيامة.

وإلى ذلك يشير قول الأمير عليه السلام فيما رواه الكليني في الكافي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام: (... والمهدي يجعله الله من شاء منّا أهل البيت)(12).

2 _ ما رواه في مختصر بصائر الدرجات عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: (ألا اُحدّثك ثلاثاً قبل أن يدخل عليَّ وعليك داخل؟)، قلت: بلى! فقال: (أنا عبد الله، أنا دابّة الأرض صدقها وعدلها وأخو نبيّها وأنا عبد الله. ألا اُخبرك بأنف المهدي وعينه؟)، قال: قلت: نعم، فضرب بيده إلى صدره فقال: (أنا)(13).

وروى أيضاً عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي عليه السلام فقال: (اُحدّثك بسبعة أحاديث إلاَّ أن يدخل علينا داخل)، قال: قلت: افعل جُعلت فداك، قال: (أتعرف أنف المهدي وعينه؟)، قال: قلت: أنت يا أمير المؤمنين...)(14).

وقد وردت روايات مستفيضة بأنَّ أمير المؤمنين عليه السلام هو صاحب الكرّات والرجعات ودولة الدول، ومن ثَمَّ يكون هو المهدي الأكبر من أئمّة أهل البيت كما هو مفاد هاتين الروايتين أنَّه عين المهدي وأنفه حيث تضمَّن تشبيه المهدي بأعضاء جسم بعضها رئيسي مركزي وهو العين والأنف وأنَّ مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بين الأئمّة الاثني عشر في الاتّصاف بوصف المهدي هو موقع العين، وهذا يبيّن أنَّ صدق عنوان المهدي على الأئمّة الاثني عشر هو بتفاوت.

3 _ ما رواه في بصائر الدرجات عن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل بن يسار، حدَّثني علي بن جعفر الحضرمي، عن سليم الشامي أنَّه سمع علياً عليه السلام يقول: (إنّي وأوصيائي من ولدي مهديّون كلّنا محدّثون)، فقلت: يا أمير المؤمنين من هم؟ قال: (الحسن والحسين عليهما السلام، ثمّ ابني علي بن الحسين عليه السلام)، قال: وعلي يومئذٍ رضيع، (ثمّ ثمانية من بعده واحداً بعد واحد، وهم الذين أقسم الله بهم فقال: (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) (البلد: 3)، أمَّا الوالد فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما ولد يعني هؤلاء الأوصياء...) الحديث(15).

وكون الأوصياء الاثني عشر أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أنَّ علياً ابن عمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخيه من باب التغليب، واُطلق في هذه الرواية المهدي على كلّ الأئمّة.

4 _ ما رواه الصدوق عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول: كنت جالساً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضته التي قبض فيها فدخلت فاطمة عليها السلام... (وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلّهم هادون مهديّون، وأوَّل الأوصياء بعدي أخي علي، ثمّ حسن، ثمّ حسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنَّة درجة أقرب إلى الله من درجتي...) الحديث.

ورواه سليم بن قيس في كتابه مع تفاوت يسير في الألفاظ(16).

5 _ وروى ابن أبي زينب النعماني في كتاب الغيبة عن ابن عقدة وغيره بإسنادهم عن عبد الرزّاق بن همام، عن معمّر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: (... أيّها الناس، ليبلّغ مقالتي شاهدكم غائبكم، اللّهمّ اشهد عليهم، ثمّ إنَّ الله نظر نظرة ثالثة فاختار من أهل بيتي بعدي، وهم خيار أمّتي أحد عشر إماماً بعد أخي واحداً بعد واحد، كلَّما هلك واحد قام واحد، مثلهم في أهل بيتي كمثل نجوم السماء، كلَّما غاب نجم طلع نجم، إنَّهم أئمّة هداة مهديّون...)(17).

وورد كثيراً إطلاق المهدي والمهديّون على الأئمّة عليهم السلام في الروايات.

وممَّا يشهد إرادة الأئمّة الاثني عشر من المهديّون الاثني عشر من هذه الرواية أي رواية الوصيّة وتسليمها من كلّ إمام إلى الإمام الذي بعده أنَّ نفس هذه الرواية التي رواها الشيخ الطوسي في الغيبة ورواها عنه في مختصر بصائر الدرجات قد اشتملت على كون اسم المهدي من أسماء علي عليه السلام التي قد سمّاه الله بها والتي لا تصحُّ لأحد غيره، فالصحيح أنَّ المراد من المهديّين الاثني عشر بعد الأئمّة الاثني عشر هم نفس الأئمّة عليهم السلام بلحاظ دور الرجعة لهم عليهم السلام. فهم المهديّون ولذلك ذكر في بعض نسخ الرواية أنَّ الإمام الثاني عشر أوَّل المؤمنين وأوَّل المهديين، وقد مرَّ أنَّ ذلك إشارة في الآية الواعدة بالرجعة.

تساؤل:

ولعلَّك تسأل: فلماذا غاير النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في التعبير بين الأئمّة الاثني عشر والمهديّين الاثني عشر، وكأنَّ المجموعة الأوَّل أئمّة اثنا عشر، وأنَّ هناك مجموعة ثانية عددها أيضاً اثنا عشر كلّهم مهديّون.

والجواب:

إنَّ التعبير وإن أوهم المغايرة إلاَّ أنَّ اتّحاد المراد مألوف في استعمال الروايات نظير ما رواه الشيخ في الغيبة من موثَّق جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (والله ليملكنَّ منّا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة يزداد تسعاً)، قلت: متى يكون ذلك؟ قال: (بعد القائم)، قلت: وكم يقوم القائم في عالمه؟ قال: (تسع عشرة سنة، ثمّ يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين عليه السلام ودماء أصحابه، فيقتل ويسبي حتَّى يخرج السفّاح)(18).

فالناظر في هذه الرواية يتوهَّم أنَّ هذا الرجل من أهل البيت الذي يملك بعد القائم أو المنتصر الذي يخرج بعد القائم والذي يطلب بثأر وبدم الحسين عليه السلام ودماء أصحابه هو غير الحسين عليه السلام بمقتضى تعدّد التعبير مع أنَّه قد استفاضت الروايات أنَّ المنتصر هو الحسين عليه السلام، ففي روايات رواها المفيد في الاختصاص عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث: (وهل تدري من المنتصر والسفّاح؟ يا جابر؟ المنتصر الحسين بن علي، والسفّاح علي بن أبي طالب عليهما السلام)(19).

6 _ وروى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام: حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدَّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدَّثنا أبو عبد الله العاصمي، عن الحسين بن قاسم بن أيّوب، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ثابت الصبّاغ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: (منّا اثنا عشر مهدياً، مضى ستّة وبقي ستّة، ويصنع الله في السادس ما أحبّ)(20).

الشاهد الثالث:


ما ورد من روايات مستفيضة أنَّ الذي يلي الوصيّة ومقاليد الإمام والخاتم هو الحسين عليه السلام، حيث يدفع إليه القائم عليه السلام كلّ ذلك:

1 _ فقد روى في مختصر بصائر الدرجات عن أبي عبد الله عليه السلام: (ويقبل الحسين عليه السلام في أصحابه الذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبيّاً كما بعثوا مع موسى بن عمران عليه السلام، فيدفع إليه القائم عليه السلام الخاتم، فيكون الحسين عليه السلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواري به في حفرته)(21).

2 _ ما رواه في الكافي بسنده إلى عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: (... (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) خروج القائم عليه السلام، (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) (الإسراء: 5 و6)، خروج الحسين عليه السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهَّب لكلّ بيضة وجهان، المؤدّون إلى الناس أنَّ هذا الحسين قد خرج حتَّى لا يشكّ المؤمنون فيه، وأنَّه ليس بدجّال ولا شيطان، والحجّة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرَّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنَّه الحسين عليه السلام جاء الحجّة الموت، فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحّده في حفرته الحسين بن علي عليهما السلام، ولا يلي الوصيّ إلاَّ الوصيّ)(22).

ورواها العياشي في تفسيره ولكن مع اختلاف يسير في الألفاظ، ففي ذيل الرواية: (المؤدّي إلى الناس أنَّ الحسين قد خرج في أصحابه حتَّى لا يشكُّ فيه المؤمنون وأنَّه ليس بدجّال ولا شيطان، الإمام الذي بين أظهر الناس يومئذٍ، فإذا استقرَّ عند المؤمن أنَّه الحسين لا يشكّون فيه، وبلغ عن الحسين الحجّة القائم بين أظهر الناس وصدَّقه المؤمنون بذلك، جاء الحجّة الموت فيكون الذي غسَّله، وكفَّنه، وحنَّطه، وإيلاجه في حفرته الحسين، ولا يلي الوصيّ إلاَّ الوصيّ)، وزاد إبراهيم في حديثه: (ثمّ يملكهم الحسين حتَّى يقع حاجباه على عينيه)(23).

3 _ ما تقدم من رواية الشيخ الطوسي في الغيبة، من أنَّه يملك بعد القائم رجل من أهل البيت ثلاثمائة سنة ويزداد تسعة، وهو المنتصر والمنصور، يطلب بدمه وبدماء أصحابه(24)، وقد رواها المفيد في الاختصاص ببسط في الرواية عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (والله ليملكنَّ رجل منّا أهل البيت بعد موته ثلاث مائة سنة ويزداد تسعاً)، قال: فقلت: فمتى يكون ذلك؟ قال: فقال: (بعد موت القائم)، قلت له: وكم يقوم القائم في عالمه حتَّى يموت؟ قال: فقال: (تسعة عشر سنة من يوم قيامه إلى يوم موته...) وذكر بقيّة الحديث(25).

والظريف في هذا الشاهد ورواياته أنَّه لا يقتصر على الدلالة على وحدة المراد من العنوانين المتغايرين، بل يدلُّ على أنَّ الروايات قد توهم الدلالة أنَّ هناك رجلاً من أهل البيت يغاير الأئمّة الاثني عشر له دور وشأن ويملك، ثمّ تفصح روايات أخر أنَّ هذا الرجل هو واحد من الأئمّة الاثني عشر لا غيرهم.
 
المصدر:
المهديون الإثني عشر للشيخ محمد سند حفظه الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق